قلنا: إن أراد هذا القائل بذلك إذا كان الإمام هو المفرق لها، قلنا له: الحكم عندنا كذلك؛ فإنه لا يجب عليه أن يدفع كل زكاة إلى الأصناف، بل له أن يدفع زكاة الشخص الواحد لصنف [واحد، بل لشخص واحد] إذا عمم جميع الأصناف بالصرف، لكن ليس للآية – كما ستعرفه – بل لأنه نائب أهل السهمان في القبض، فإذا حصلت الزكوات في يده صارت كزكاة الشخص الواحد فيتصرف فيها كما ذكرناه.
فإن قلت: هذه العلة تقتضي أن يساوي الساعي الإمام في ذلك، وقد قال في "الحاوي": إن الساعي إذا كان هو الصارف ليس له أن يخص بكل صدقة صنفاً كالإمام؛ لأن نظره خاص لا يستقر إلا على ما جباه، وربما صرف فلمي قبض باقي الأصناف، بخلاف الإمام. نعم، له أن يصرف صدقة كل شخص في جميع الأصناف، وله أن يجمع جميع الصدقات ويفرقها في الأصناف.
قلت: [و] قد سوى في "البحر" في موضع منه [بينه وبين الإمام، وعلى تقدير التسليم – وهو ما ذكره في موضع آخر منه] – فقد حصل الفرق بينهما بما ذكرناه، وقد يستدل لذلك بقوله – عليه السلام – لسلمة بن صخر الأنصاري- رضي الله عنه – وقد ظاهر من امرأته وعجز عن الكفارة: "انطلق إلى صدقة بنى زريق فلتدفع إليك، فأطعم منها وسقاً ستين مسكيناً، وكل أنت وعيالك بقيَّتها".
وإن أراد بذلك: إذا كان أرباب الأموال [هم] المفرقين فهو خلاف الإجماع؛ لأن أحداً لم يصر إلى إيجاب ذلك.
وقد يجوز أن يتفق جميع أهل الصدقات على صرفها كلها في أحد الأصناف، فلا يؤخذ ما ذكر على أن حقيقة هذه الإضافة تقتضي أن تكون كل صدقة لكل من سمي؛ ألا ترى أن رجلاً لو قال: هذه [الدور الثلاثة] لزيد وعمرو وبكر، كانت كل دار بينهم أثلاثاً؟!