ولم يختلف علماؤنا أنهم لو غابوا معظم السنة، وشهدوا منقرض الحول ووقت وجوب الصدقة - جاز الصرف إليهم، ولا حكم للغيبة السابقة وإن منعنا النقل. ولو خرجوا على قصد الانتقال قبل وجوب الصدقة وانقضاء السنة، لم يجز النقل إليهم إذا فرّعنا على منع النقل.

وقال ابن الصباغ في باب كيف تفريق قسم الصدقات: إذا كان في البلد صدقات، وفي سواه من هو من أهلها على مسافة لا تقصر فيها الصلاة- كان كالحاضر في البلد. وهذا قول أبي الطيب في "تعليقه". نعم، إذا كان في بلد بينها وبين الأول مسافة لا تقصر فيها الصلاة، فلا تنقل الصدقة من أحداهما [إلى الأخرى؛ فإن أحداهما] لا تضاف إلى الأخرى فلا تنسب إليها، وهذا في "تعليق" أبي الطيب منسوب إلى أبي إسحاق المروزي، والله أعلم.

[قال الشيخ – رحمه الله]-: فإن نقل، أي: على قولنا بمنع النقل، إلى ما لا تقصر فيه الصلاة – فقد قيل: يجوز؛ لأنه في حكم الحضر بالنسبة إلى القصر ونحوه؛ ولهذا قال الشافعي – رحمه الله -: حاضرو المسجد الحرام: من كان داره أقرب إلى مكة من مسافة القصر، وإذا كان كذلك صار كما فرق وهو في محلة من البلد على [أهل] محلة أخرى. والثاني: لا يجوز؛ لأنه نقل إلى بلد آخر فأشبه ما لو نقل إلى مسافة القصر، [ولأن المعنى الذي لأجله منع من النقل إلى مسافة القصر] – وهو تضرر أهل السُّهمان من أهل البلد وانكسارهم – موجودٌ فيما إذا كان النقل إلى دونها؛ فكان كهي، ويخالف الرخص؛ فإنها تتعلق بالسفر للمشقة، وهذا ما صححه العراقيون، وقال الإمام تبعاً للقاضي: إنه المذهب، والأول بعيد لا اتجاه له، وهو يؤدي إلى دفع القول بمنع النقل الذي عليه نفرِّع؛ لأنا إذا جوزنا النقل إلى قرية على فراسخ فتلك القرية محل تفريق الصدقة، إذن فيجب تجويز النقل منها أيضاً إلى قرية على [مثل] تلك المسافة؛ فإن القرية الأولى التحقت بالبلدة وكونها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015