الصورة المتقدمة لضرورة التبعيض لا غير، فإن لم يكن [بد] من تخريج المسألة الأخيرة على الخلاف فلعل الأقرب في التعليل: أن الزكاة وإن لم تتبعض في الصورة التي ذكرناها، فالغنم نامية وهي سريعة المصير إلى مبالغ يقتضي الحساب تشقيص واجبها على التفريق، وذلك يعسر ضبطه؛ فيجوز النقل لحسم هذا الإمكان.

قال: ولو كان له عروض تجارة ببلدة ومال تجارة [في] أخرى، ورأس المال دراهم – فيجب القطع بأنه يخرج زكاة كل مال حيث هون ولا يجوز النقل على منع النقل؛ فإن التبعيض لا وقع له في الدراهم بوجه؛ ولذلك لم يثبت عند الشافعي – رحمه الله – [للدراهم] وقص بعد الوجوب، وهو ظاهر لا ريب فيه، و [به] يظهر بطلان التعليل بأن له بكل بلدة علقة في الجنس الواحد الزكاتي.

ولو كان النقل إلى طائفة من أصناف الزكاة الذين فارقوا بلد المال، قال الإمام قبل باب كيف تفريق قسم الصدقات بورقة: وينبني ويتجه أن الذي ذهب إليه الأصحاب جواز ذلك: تعويلاً على الآخذين. وهذا إذا انتقل جملة المستحقين، فأما إذا كان في المقيمين في وطن المال مقنع، والمنتقل طائفة منهم – قال: فالقياس جواز النقل إلى الذين خرجوا، وحبس بعض أصحابنا في هذه الصورة على الخصوص؛ فلم يجوز النقل، وهو فاسد لا أصل له.

نعم، اضطرب الأصحاب فيما لو خرج طائفة مسافرين، وغابوا في جميع السنة، ولم يشهدوا بلد المال –فهل يجوز إخراج حصصهم إليهم؟ منهم من جوز ذلك؛ لأنهم وإن غابوا فنهم من أهل البقعة، ومنهم من منع وشرط أن يحضروا وطن المال في سنة الزكاة. ولو شهدوا في بعض السنة وغابوا قبل انقضائها فهذا مرتب على الصورة قبلها، وأولى بجواز الإخراج إليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015