محل تفرقة الصدقة، وهكذا. وما قاله فيه نظر ظاهر.

ثم على الثاني: يكون الواجب الصرف لأهل السهمان الذين أحاط بهم بنيان بلد المال، لا من خرج عنه، كذا قاله الماوردي.

ثم إن كان البلد واسعاً كالبصرة وبغداد، كان جيران المال من أهل البلد أخص به من غيرهم، وهل يكون ذلك [من طريق الأولى أو] من طريق الاستحقاق؟

قال في "الحاوي": فيه وجهان، ووجه الثاني قوله تعالى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: 36] والجار ذو القربى: الجار القريب، والجار الجنب: البعيد في نسبه، فاعتبر في القريب والبعيد الجوار. وقال في باب كيف تفريق الصدقات: إن الأول هو الظاهر من قول البغداديين، وهو الأصح، وإن الثاني قول البصريين، وإذا قلنا به كان جيرانه: [من] أضيف إلى مكانه من البلد، وقيل: إنهم إلى أربعين داراً من داره. وهو المذكور في غيره، فلو صرف إلى من بعد أثم، وإن كان في البلد ناقلاً للزكاة. ولو كان البلد صغيراً فجميع أهله جيرانه.

وهذا إذا كان رب المال هو المفرّق، فإن كان الإمام أو نائبه فكل أهل البلد الكبير والصغير في ذلك سواء؛ لما في اعتبار ذلك في حق الإمام من المشقة مع كثرة الأموال في يده.

وهذا حكم أهل البلاد والقرى، وأما أهل الخيام: فإن كانوا في موضع من البادية مستقرين، وكانوا لا يبرحون منه إلا براح الحضري من الحضر ثم يعود إلى مقره فإن منعنا النقل فلهؤلاء الصرف إلى من هو منهم إلى مسافة تقصر عن مسافة القصر؛ فإنه ليس في البادية من اسم بلدة وخطة قرية؛ فكان أقرب معتبر ما ذكرناه.

قال الإمام: وذكر العراقيون هذا، وذكروا وجهاً آخر: وهو أن الحلّة إذا حلت قطراً لم يجز أن ينقلوا الصدقة من تضاعيفهم فيتميز [مخيمهم] عن مخيم الحلة الأخرى كتميز القرية يخطئها عن الخطة الأخرى. قال: وهذا لا بأس به، والأشهر الأول.

وإن كانوا لا يقطنون بموضع بل ينتجعون الماء والكلأ، فإن كانوا متفرقين كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015