بسطها، والزكاة وظيفة كلية أعدت للحاجات العامة حتى كأنها في السنة تحل محل النفقات الدَّارَّة يوماً يوماً من آحاد الناس على الذين يعولونهم؛ فكان الدفع إلى الإمام أفضل [لهذا المعنى].
والقائلون بهذا حملوا قول الشافعي – رحمه الله – على أنه أراد: أولى من الوكيل، وهو مما لا خلاف فيه.
والساعي في هذا المقام كالإمام، ولو اجتمع الإمام والساعي كان الدفع إلى الإمام أولى، قاله الماوردي.
والثالث: إن كان الإمام عادلاً فالأفضل أن يدفع إليه؛ لتحصيل المصلحة المذكورة، مع أنه على ثقة من أدائه، وإن كان جائراً فالأفضل أن يفرق بنفسه؛ لأنه ليس على يقين من أدائه؛ فلا تحصل المصلحة المذكورة، وهذا ما صححه النواوي، وادعى البندنيجي أنه المذهب، ولم يحك في "التتمة" [في الجائر] غيره.
وهذا الكلام من الشيخ وغيره من العراقيين دالٌّ على أن الإمام لا ينعزل بالجور، وهو ما ادعى القاضي الحسين في قسم الصدقات أنه المذهب الصحيح، وهو مخالف لما ذكره الشيخ وغيره في باب [أدب] السلطان؛ حيث قال: وإن زال شيء من ذلك بعد التولية بطلت ولايته. وهو الذي ذكره البندنيجي قبل باب صدقة الخلطاء، وعليه جرى الماوردي فقال: إذا كان الإمام جائراً لا يجوز الدفع إليه، فإن دفع لم يبرأ. كذا قاله في قسم الصدقات، وحكاه الحناطي [وجها].
قال: وفي الأموال الظاهرة وهي المواشي، والزروع، والثمار، والمعادن –قولان:
أصحهما: أن له أن يفرق بنفسه؛ [لأنها زكاة واجبة على من يجوز له التصرف في ماله؛ فجاز له أن يفرقها بنفسه] كزكاة الأموال الباطنة، وإنما عدلت إلى القياس ولم أستدل بالآية؛ لأنها تقتضي [أن] الإخفاء خير، وذلك إنما يكون [أفضل] في الأموال الباطنة، أما في الأموال الظاهرة فقد قال الأصحاب – كما قال