قال: وفي الأفضل ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه يفرق بنفسه؛ لأنه على ثقة من أدائه، وليس على ثقة من أداء غيره، وهذا ظاهر نصه في "المختصر" حيث قال: وأحب أن يتولى الرجل قسمتها بنفسه؛ ليكون على يقين من أدائها. ولم يحك الماوردي في قسم الصدقات غيره.
والثاني: أن يدفع إلى الإمام، أي وإن كان جائراً؛ لما روى أبو داود عن جرير بن عبد الله قال: جاء ناس – يعني من الأعراب – إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن ناساً من المصدِّقين يأتوننا فيظلموننا، [فقال: "أرضوا مصدِّقيكم"، قالوا: يا رسول الله، وإن ظلمونا؟! قال: "أرضوا مصدِّقيكم"]، وزاد عثمان – وهو ابن أبي شيبة -: "وإن ظلمتم"، وأخرجه مسلم [ولم يذكر فيه]: "وإن ظلمتم".
و [أثر] ابن عمر وأبي هريرة وسعد بن أبي وقاص والمغيرة بن شعبة موافق له، [وهذا قول أبي علي] بن أبي هريرة، وتمسك فيه من جهة المعنى: بأن الإمام أعرف بمصارفها منه، ودفعها إليه تنزيه ظاهراً وباطناً، ودفعها إلى من ظاهره الفقر يحتمل أن يكون من الباطن غنيًّا؛ فلا تقع موقعها، ولأن آحاد الناس إذا تولوا تفرقة زكواتهم لم تبسط الزكوات على المستحقين، وإذا جمع الإمام الزكوات تَأَتِّي منه