نفس الوجوب، كما ستعرفه، وقد جعله مرتباً على قول على الأجرة، وعلى آخر جعل الأجرة مرتبة عليه؛ فدل على استوائهما في [عود أصل] الخلاف إلى الوجوب وعدمه، والذي قاله الشيخ أبو حامد وشيعته: أن القولين في أنه هل يجب عليه إخراج زكاة أجرة السنتين عند مضي السنة الأولى، أو الواجب عليه عند مضي السنة الأولى إخراج [زكاة] حصتها من الأجرة، وهي نصف وثمن دينار، فإذا مضت السنة الأخرى أخرج زكاة [أجرة] السنة الثانية لسنتين، وأما الوجوب فثابت قطعا. وهذه الطريقة لم يورد القاضي أبو الطيب في "تعليقه" والماوردي والقاضي الحسين والبغوي والمصنف في "المهذب" غيرها، ونسبوا القول الأول إلى نصه في "مختصر" البويطي، وقال أبو الطيب: إنه الأشبه بالصحيح، وهو اختيار المزني وأبي ثور، كما قال القاضي الحسين وابن سريج، وإليه ميل ابن الصباغ، وهو الصحيح في "المهذب"، والثاني إلى نصه في ["الأم"]، وهو الذي نقله المزني، وقال الماوردي: إنه الأظهر، والبغوي: إنه الأصح، والرافعي: إن إليه ميل الجمهور، وابن يونس: إنه الذي صححه أبو حامد، وحكي عن ابن سريج القطع به؛ فإن البندنيجي قال: أكثر أصحابنا يذهبون إلى أن ما حكى عن البويطي قول ثانٍ للشافعي رواه البويطي عنه وليس الأمر كذلك؛ فإن أبا العباس ذكر في "الانتصار" أن هذا مذهب أبي يعقوب البويطي من عنده لا يرويه أحد عن الشافعي، وقال القاضي الحسين في "الفتاوى"، و"التعليق": الإجارة إن كانت واردة على أجرة في الذمة، فالظاهر الأول؛ لأن ملكه مستقر على ما أخذ، حتى لو انهدمت الدار لا يلزمه رد المقبوض، بل له رد مثله.

وقد اختار ابن الصباغ طريقة الشيخ أبي حامد، وقال في الرد على أبي الطيب: لو جاز ألا تجب الزكاة في قسط السنة الثانية عن السنة الأولى، لعدم استقرار الملك لكان إذا استقر الملك يستأنف حوله ولا يزكي لما مضى؛ كمال الكتابة، فلما نص على هذا القول أنه يزكي لما مضى، دل على أن عدم الاستقرار لا يمنع الوجوب وإنما يمنع الإخراج.

قلت: وإذا جمعت بين الطريقتين كان لك أن تقول: هل تجب زكاة حصة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015