الإمام حكى أن القولين في الزكاة مبنيان على أن الملك في الأجرة يحصل بنفس العقد، أو يحصل بالتدرج ويكون الأمر فيه موقوفاً على سلامة العاقبة فإن مضت المدة سالمة عما يوجب الانفساخ تبينا أن الأجرة ملكت بنفس العقد، وإن طرأ انفساخ تبينا أنه لم يجز ملك إلا فيما مضت مدته. وهذا يقتضي أن المدة إذا مضت تبينا أنه ملك بنفس العقد بلا خلاف، وقد أوضح ذلك في "الحاوي" فقال: لم يختلف قول الشافعي في أن الأجرة إذا كانت معجلة بالشرط أو بإطلاق العقد، فقد ملك جميعها بعقد الإجارة، واستحق قبضها بتسليم الدار المؤجرة، وإنما اختلف قوله هل ملكها بالعقد ملكاً مستقراً مبرماً أو ملكها ملكاً موقوفاً مراعى؟ فالذي نص عليه في "البويطي" وغيره: أنه ملكها ملكاً مستقراً مبرماً كأثمان المبيعات وصدقات الزوجات، [و] الذي نص عليه في "الأم" وفي غيره، وهو الأظهر: أنه ملكها بالعقد ملكاً موقوفاً مراعى، فكلما مضى زمان من المدة بأن استقرار ملكه على ما قابله من الأجرة، نعم: لو تمسك الرافعي فيما ذكره بما نقله في "التتمة" لكان أولى؛ فإنه حكى في ملك الأجرة بنفس العقد طريقتين:
إحداهما: أن فيه قولين، وإلى ذلك يرشد كلام المزني.
والثانية: القطع بالملك ورد الخلاف إلى الاستقرار.
وقد يستأنس لطريقة أبي الطيب من كلام الإمام بقوله من بعد حكاية الخلاف الذي سنذكره في المبيع الذي لم يقبض هل تجب فيه الزكاة أم لا: [إنا إذا] قلنا: إن الملك ثابت في جميع الأجرة ملكاً مستقراً كما هو الأصح فالثمن المقبوض أولى بالزكاة من المبيع؛ فإن التصرف نافذ فيه، وإنما فيه توقع الانفساخ، وإن قلنا: إن الملك في الأجرة موقوف فالمبيع أولى بالزكاة؛ فإن الملك فيه محقق، وهو عماد الزكاة، والتصرف المجرد مع التوقف في الملك لا يؤكد الزكاة ووجوبها. انتهى.
وإنما قلت: إنه يستأنس بذلك؛ لأن الخلاف في المبيع الذي لم يقبض فيه