له وطؤها فوجبت عليه زكاته، ولا يقدح فيه تعرض ملكه للسقوط بانهدام الدار، أصله مهر المرأة قبل الدخول، ووجه مقابله: أن الأجرة في مقابلة المنفعة، وإذا كان كذلك فلا استقرار لها قبل استيفاء المنفعة لجواز أن تسترد لانهدام الدار، وهو مقتضى عقد المعاوضة، وأما الصداق فقد حكي عن ابن سريج أنه خرج قولاً من هنا إليه أنه لا زكاة فيه قبل الدخول، فعلى هذا لا فرق على المشهور.
فالفرق: أن الصداق ليس في مقابلة الوطء فلم يكن استيفاؤه شرطاً في استقراره؛ ولهذا لو ماتت قبل الدخول لم يسترد الزوج منه شيئاً ورجوع الشطر إليه بالطلاق ونحوه ليس من مقتضى العقد؛ بل هو ابتداء تملك أثبته الشرع له ويدل على ذلك: أنه يقطع الملك لا يرفعه ولا يقال: إن الصداق متعرض أيضاً للسقوط بما هو من مقتضى العقد وهو فسخه بعيبها لأنا نقول: المؤثر في استقرار العوض والمعوض احتمال سقوطه بتلفه أو تلف مقابله لا غير بدليل أن احتمال رد المبيع والثمن بالعيب لا يمنع استقرار الملك فيهما، وهذا منه.
وقد اختلف الناقلون في محل القولين:
فالذي حكاه ابن الصباغ عن القاضي أبي الطيب، وقال الرافعي: إنه الذي يشعر به كلام طائفة- أنهما في نفس الوجوب، فعلى القول الثاني: لا يجب [عليه] زكاة أجرة السنة الثانية عند مضي السنة الأولى وإن كانت في ملكه حولا، وكذا بعد مضي السنة الثانية، لا يجب زكاتها للسنة الأولى، وإن بان استقرار ملكه عليهما حولين [كاملين] كما لا يجب في مال المكاتب وإن بان استقرار ملكه عليه بعد عتقه أحوالاً.
قلت: وهو الظاهر من كلام الشيخ أيضاً، وقد ظن الرافعي أن كلام الإمام الذي سنذكره مشير إليه أيضاً؛ لأنه قال في نصرة القول بعدم الوجوب: إن القول بثبوت الملك التام في الأجرة، ممنوع على رأي بعض الأصحاب؛ فإن صاحب "النهاية" حكى طريقة أن الملك يحصل شيئاً فشيئاً، فمن قال بذلك لا يسلم بثبوت الملك في الأجرة فضلاً عن ثبوت الملك التام. وليس الأمر كما ظنه؛ لأن