بوجهين من المعنى:

أحدهما: لا نسلم لزوم البينة لكن البينة في المال الواحد؛ لأن المستحق للمديون غير هذا المال، ولرب الدين مطلق المال لا هذا المال، فليس وجوب الزكاة عليه باعتبار هذا المال حتى يلزم البينة.

والثاني: هب أنه يلزم البينة لكن البينة كما تندفع بألا تجب الزكاة على المديون تندفع بألا تجب على رب الدين، فلم يعين الأول؟ فإن رجح جانب المديون لضعف ملكه عاد الكلام إلى العلة الأولى وإن رجح بأن ماله مستغرق بحاجة مهمة وهي قضاء الدين فهذا كاف في التوجيه؛ فلا حاجة إلى واسطة البينة.

أما إذا كان من عليه الدين منكرا ولا بينة لربه، وحلف عليه فهل يمنع الوجوب؟ فيه وجهان:

أحدهما: أن الحكم كما تقدم.

والثاني: أنه لا يمنع قولا واحداً، لسقوط المطالبة عنه بحلفه فكأنه لا دين عليه قاله الماوردي.

وقد فرع الأصحاب على المعنيين مسائل فقالوا:

إن قلنا بالأول لم تجب الزكاة فيما إذا كان الدين لذمي أو مكاتب [أو] إذا كان الدين مما لا تجب فيه الزكاة لنقصه عن النصاب أو غير ذلك، أو كان مما تجب فيه الزكاة لكنه من غير جنس المال كما إذا كان المال ماشية والدين دراهم، أو كان المال دنانير والدين دراهم، وادعى الإمام أن الأصح في هذه الصورة الوجوب.

وإن قلنا بالثاني وجبت.

وقد اقتضى المعنيان الوجوب فيما إذا كان الدين مؤجلا وقلنا: لا زكاة في المؤجل، فإن قلنا: تجب الزكاة فيه، فيمتنع الوجوب؛ نظراً للعلة الأولى، وتجب نظراً للعلة الثانية، قاله القاضي الحسين، وأطلق المتولي والبغوي وغيرهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015