وفي "التتمة" الجزم بمقابله.
نعم: حكى الخلاف فيما إذا لم ينو المقام بها ولا الرجوع، فهل يكون نفس الحصول فيها قاطعاً للترخص أم لا؟ واستشكل الإمام جواز قصره في البلد، من حيث إن سفره ينقطع على منتهى المقصد، وهو في إيابه في حكم من يبتدئ [سفراً]، وليس الإياب متصلاً بالذهاب في الحساب؛ فإنه لو كان مجموع مسافة ذهابه وإيابه مرحلتين، لا يقصر عندنا، وقضيته: ألا يقصر في مقصده أصلاً وإن طال السفر.
قال: والذي ذكرته أبدى إشكالاً، وليس عندي فيه نقل أعتمده، إلا ما ذكره الشيخ أبو بكر.
الثاني: أنه لا فرق فيه بين أن يكون صالحاً للإقامة أو لا، كما إذا نوى المقام بمفازة لا ماء فيها ولا كلأ، وهو مجزوم به في الحالة الأولى، والصحيح في الثانية، ووراءه وجه آخر: أنها لا تقطع حكم السفر، ومنهم من يثبت الخلاف في المسألة قولين.
قال الفوراني: وهو مبني على ما إذا نوى الإقامة في الحرب، عند مواجهة العدو، هل يجب عليه الإتمام أم لا؟ وفيه قولان يأتيان.
وقال القاضي الحسين والبغوي: إنه مبني على قولين، حكاهما الإمام- أيضاً- فيما إذا دخل بلداً مجتازاً، وله به أهل وولد: هل يجعل مقيماً فيه أم لا؟
أحدهما: لا يصير مقيماً؛ لعدم نية الإقامة، وهذا ما حكاه القاضي أبو الطيب، والبندنيجي وابن الصباغ فيما إذا كان له فيه زوجة ومال وقماش، وقال الإمام: لعله أقيس. فعلى هذا: يصير مقيماً بنية الإقامة في المفازة.
والثاني من القولين: أنه يصير مقيماً [لصلاح المكان لإقامة مثله فيه؛ فإن الغالب أنه يقيم ببلد أهله وولده؛ فعلى هذا لا يصير مقيماً] بالمفازة إذا نوى المقام بها؛ لأن المكان غير صالح لإقامة مثله، وهذا ما صححه الغزالي.
والوجهان جاريان فيما لو نوى المقام في سفر البحر، كما حكاه في "الزوائد" والقاضي الحسين في باب استقبال القبلة.