قال: وإن أقام في بلد لقضاء حاجة، أي: ولا يعلم أنها تمتد إلى أربعة أيام، وقد تمتد، ولم ينو الإقامة- قصر إلى ثمانية عشر يوماً في أحد القولين، ويقصر أبداً في القول الآخر.

اعلم: أن الحاجة تارة تكون لأجل القتال، مثل: أن يكون مقيماً على حرب، أو مستعدّاً للحرب، أو خائفاً من الحرب، وتارة تكون لأجل غيره، مثل: بيع شيء، أو شرائه، أو استخراج مال، أو اجتماع بشخص، ونحو ذلك، ولا خلاف بين الأصحاب في إجراء القولين في القسم الأول.

قال الماوردي: وعليهما نص في "الإملاء"، وعزاهما البندنيجي إلى نصه في "الأم":

أحدهما: يقصر إلى ثمانية عشر يوماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام في حرب هوازن ثمانية عشر يوماً يقصر الصلاة ينتظر انجلاء الحرب ولنا فيه أسوة حسنة. وقد ادعى الإمام أن هذا كان بعد الفتح بـ "مكة"؛ لتدبير المسير إلى "هوازن"، ووافقه الروياني عليه، وعلى هذا: إذا جاوز الثمانية عشر، أتم؛ لما ذكرناه من التقرير عند نية إقامة أربعة أيام، وقد روي عن ابن عباس أنه- عليه السلام- أقام بهوازن ثمانية عشر يوماً يقصر الصلاة؛ فمن أقام ذلك قصر، ومن زاد عليه أتم.

وروي أنه قال: "نقصر الصلاة ما بيننا، وبين تسعة عشر يوماً، فإذا جاوزنا ذلك أتممنا".

فإن قيل: قد روى جابر بن عبد الله: "أنه- عليه السلام- أقام بـ "تبوك" عشرين يوماً يقصر الصلاة"، رواه أحمد في "مسنده". وروى عمران بن حصين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015