يقصر في المقصد، وعليه يدل نص الشافعي في مواضع:

الأول: ما حكاه الإمام إذا خرج المكي إلى "جدة" ليعود منها، ويخرج من "مكة" إلى سفر بعيد- فلا شك أنه يقصر ذاهباً إلى "جدة" وراجعاً منها؛ لأنها على مسافة مرحلتين من "مكة"، ثم يقصر بـ "جدة" أيضاً إذا كان مقامه بها مقام المسافرين.

قال الإمام: وأما "مكة" في عودة من "جدة" هل يقصر فيها، أم لا؟ على قولين، وهذان القولان هما القولان اللذان أشرت إليهما من قبل.

الثاني: ما نص عليه في كتاب استقبال القبلة، كما حكاه أبو الطيب فيما إذا خرج مسافراً إلى بلد بينه وبينه ستة عشر فرسخاً، ونوى أنه إذا وصل إليه أقام فيه يوماً واحداً، فإن لقي فلاناً- يعني رجلاً بعينه- أقام أربعة أيام، وإن لم يلقه رجع، فله القصر من حين يخرج [من بلده] إلى أن يصل إلى البلد الذي نواه، فإذا وصل إليه: فإن لم يلق فلاناً فإنه يقصر إلى أن يرجع، وإن لقيه فإنه يتم من حين يلقاه؛ لأنه نوى الإقامة إن رآه، وقد رآه؛ فقد صار مقيماً، والبندنيجي والماوردي صوراً هذه المسألة بما إذا خرج إلى بلد، فدخل إلى بلد في طريقه، وقال: إن لقيت فلاناً أقمت أربعاً.

الثالث: ما حكاه البندنيجي فيما إذا كان من مكة على مسافة القصر، فخرج حاجّاً- كان له القصر حتىي دخلها، فإذا دخل "مكة" نظرت: فإن نوى مقام أربعة أيام، أتم، فإذا خرج إلى عرفة يريد قضاء نسكه [نظرت: فإن نوى مقام أربعة إذا رجع أتم بعرفة ومنى، وإن نوى قضاء نسكه] والانصراف، ولم ينو مقاماً، أو نوى مقام أقل من أربعة- قصر بعرفة ومنى.

قلت: فهذه المسائل الثلاث تدل على أن الوصول إلى المقصد إذا لم ينو المقام [به] أربعة أيام، غير يوم الدخول والخروج- لا يقطع الترخص.

وإذا جمعت بين النقلين، جاء في المسألة خلاف، وقد حكاه في "التهذيب" قولين، وادعى أن المذهب منهما: أن له القصر في مقصده، كما في الانصراف، وادعى الرافعي: أنه أصح، وأن غير البغوي ذكره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015