أراه أن بقية النهار مع بقية الليل كله غير محسوب عليه؛ نظراً للشغل، ووقوعه في الليل.
قلت: وهذا قاله بناءً على ما اقتضاه كلامه السابق: أنه إذا دخل يوم الأحد، ونوى الخروج يوم الخميس: أنه يلزمه الإتمام؛ لأجل زيادة ليلة يوم الخروج؛ فإنه إذا لم يحسب الليلة التي تم قضاء شغله من الحط فيها [لم تحصل الزيادة على ثلاثة أيام وثلاث ليال؛ فيجوز له القصر فيها].
ثم إذا جرينا على ذلك، لاح في المسألة بحث له التفات على أن العاكف بمنى إذا تشاغل بالترحال والشد حتى غربت الشمس في اليوم الثاني من أيام التشريق، هل يلزمه أن يقيم أو لا؟ فليطلب منه.
تنبيه: سكوت الشيخ عن بيان المكان الذي تؤثر نية المقام فيه في القصر وعدمه، يؤذن بأمرين:
أحدهما: أنه لا فرق عنده فيه بين أن يكون ذلك الموضع محل قصده أو غيره؛ كما إذا نوى ذلك في طريقه إلى محل قصده، ولاشك في ذلك إذا كان المكان في طريقه إلى محل قصده، وأما إذا كان المكان هو محل قصده ابتداء، فالذي جزم به الماوردي: أنه لا يتوقف لزوم الإتمام على نية المقام أربعة أيام، بل بمجرد وصوله إليه يلزمه الإتمام، وإن نوى مقام ثلاثة أيام فما دونها، وادعى أنه لا خلاف بين الفقهاء في ذلك.
وهذه طريقة أبي حامد، كما حكاها الطبري في "عدته" عنه، وعليه يدل قول البندنيجي: إن من خرج من بلده مسافراً، وبين يديه بلد قبل البلد الذي يقصده، فنوى أن يقيم في الأول أربعاً، ثم يسير إلى الثاني، أو لم ينو أربعاً، لكنه قال: أسافر إلى الأول، ثم منه إلى الثاني- فإن كان بينه وبين الأول مسافة القصر، قصر، وإذا انتهى إليه، انقطع قصره. وهذا يدل على أن الوصول إلى المقصد وإن لم يكن وطناً قاطع للترخص، والذي حكاه الإمام عن الصيدلاني، وصاحب "العدة" عن القفال: أنه إذا كان عزمه على المقام به مقام المسافرين، ثم يعود إلى موضع خروجه، أو إلى موضع هو منه على مسافة القصر: أن له أن