وقال ابن سريج بإجراء لفظ الشافعي على ظاهره، موجهاً له بأن الشافعي بناه على قوله في القديم: إن الراعف لا تبطل صلاته، فإذا استخلف مقيماً في صلاة هو فيها، لزمه أن يتم؛ لأنه مؤتم بمتمّ. وأما على قوله الجديد، فلا يلزمه الإتمام.

قال البندنيجي: وهذا فاسد؛ لأنه على القديم في حكم صلاة نفسه، فأما أن يكون فيها في جماعة، فلان قال الإمام: وهذا الوجه مع ضعفه غير مستقيم في نظم الأقوال قديما ًوجديداً فإن الاستخلاف في القديم باطل، وصلاة الراعف في الجديد باطلة؛ فلا يتسق هذا التفريع إذن. وهذا قد سبقه به القاضي الحسين.

وعن ابن سريج أنه قال: ومن أصحابنا من قال: يلزم الراعف الإتمام، وإن لم يرجع إلى الصلاة؛ لأن خليفته القائم مقامه يلزمه الإتمام فهو أولى.

وأبو الطيب نسب هذا القول إلى ابن سريج نفسه، وقال: إنه ليس بشيء؛ لأن خليفته مقيم فأتم، وهو مسافر فلم يتم.

قلت: والصحيح أن قائله غيره؛ لأن ابن سريج لما ذكره قال: هذه شبهة، وليست بدلالة. وحكى البندنيجي وابن الصباغ وغيرهما أن أبا غانم مُلْقِي أبي العباس بن سريج حمل النص على ما إذا أحس الإمام بالرعاف، فاستخلف، ووقف خلف خليفته، ثم رعف فانصرف- فإنه ها هنا يلزمه أن يتم؛ لأنه صار خلف مقيم.

قال البندنيجي، وكذا المحاملي: وهذا فاسد؛ لأن الرجل لا يصح أن يستخلف في الصلاة، ويكون فيها مأموماً قبل الانصراف.

قال الرافعي: وقد سئل الشيخ أبو محمد عنه، فجعل الاحتباس عذراً، وقال: متى حضر إما هو أفضل منه، أو حاله أكمل- جاز استخلافه.

ولا خلاف في أنه لو استخلف مسافراً نوى القصر، لا يلزمه ولا من خلفه من المسافرين الإتمام، وكذا لو لم يستخلف وأتم المسافرون لأنفسهم، ولو استخلف المسافرون مقيماً، فهل يكون الحكم كما لو استخلفه الإمام؟ فيه وجهان في "الحاوي":

أحدهما: نعم.

والثاني: لا. فعلى هذا: للإمام أن يقصر؛ لأنه لم يستخلف المقيم، وعلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015