المسافر ظاهره القصر، بخلاف ما إذا قام إلى ثالثة؛ فإنه [تأكد ظن] الإتمام بالقيام، ولو عرفوا أنه قد سها حال سهوه، لم يلزمهم الإتمام، وسجدوا للسهو، وسلموا، أو صبروا حتى يسلم، فيسلموا معه، وقد استشكل المزني معرفتهم سهوه، وصوره القاضي الحسين ومن بعده، بأن يكون الإمام حنفيّاً متعصباً في مذهبه، يعلمون من حاله أنه لا يتم في السفر، مع ما تقرر من أصله أنه إذا أتم لم تصح صلاته.

الثاني: إذا اقتدى مقيمون ومسافرون بمسافر، فرعف الإمام، وقدم مقيماً- قال الشافعي: "كان على جميعهم وعلى الراعف أن يصلوا أربعاً؛ لأنه لم يكمل واحد منهم الصلاة حتى كان فيها في صلاة مقيم" هذا آخر كلامه.

وما ذكره في المأمومين محله إذا لم ينو المفارقة عند حدثه، كما تقدم، [و] في "الرافعي": أنه يأتي فيهم وجه أنهم لا يلزمهم الإتمام، [إلا إذا نووا الاقتداء بالمستخلف؛ لأنه سيأتي وجه: أنه يجب على القوم أن ينووا الاقتداء بالخليفة، فإذا لم ينووا لا يلزمهم الإتمام؛ لأنهم ما نووا الإتمام] ولا اقتدوا بمقيم.

قلت: وهذا التخريج ظاهر على القول الصحيح في أن الإمام الراعف لا يلزمه الإتمام إذا لم يعد، أما إذا قلنا: يلزمه وإن لم يعد؛ بناءً على أنه باستخلافه صارت صلاته صلاة مقيم- فلا؛ لأنا حينئذ نتبين أن اقتداءهم وقع بمن لزمه الإتمام، فلعل القائل بوجوب نية الإتمام هو هذا القائل، فيرتفع الخلاف في المأمومين، كما أطلقه الأصحاب.

وأما الراعف- فقد قال المزني: إن ما ذكره الشافعي فيه غلط؛ لأن الراعف يبتدئ ولم يأتم بمقيم، وليس عليه إلا ركعتان. واختلف الأصحاب في ذلك:

فقال أبو إسحاق وغيره- وهو أصح الأجوبة-: مراد الشافعي إذا عاد الإمام، وائتم به: إما بناءً على القول القديم، وإما استئنافاً على الجديد؛ ألا ترى إلى قوله: "لأنه لم يكمل واحد منهم الصلاة، حتى كان فيها في صلاة مقيم"؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015