وهو أيضًا مذهبُ أبي حنيفة - رضِي الله تعالى عنه - وسائر أهل الكوفة [إلا] إبراهيم النخعي، والشعبي، وحماد، وسفيان الثوري وغيرهم لا خِلاف بينهم فيه، وهو أحد قولي الشَّافِعِي وأحمد - رضِي الله عنهما - وقال الحارث المحاسبي: الغناء حرامٌ كالميتة، ووقَع لإمام مذهبنا الرَّافِعِيِّ فِي "الشرح الكبير" أنَّه فِي موضعين منه فِي البُيوع والغصب أطلَقَ أنَّ الغناء حَرامٌ وتابَعَه الإمام النووي فِي "الروضة" على الثاني (?)، قال الأذرعي: وظاهر مذهب مالك ما قاله [ز1/ 8/أ] القرطبي؛ أي: لا ما يأتي عن الماوردي، ويستدلُّ لهذا القول بحديث المغنِّي السابق فِي المقدمة [فإنه] استأذن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فِي الغناء من غير فاحشةٍ فقال: ((لا آذَنُ لك ولا كرامة ولا نعمة عين، كذبت أيْ عدو الله، لقد رزقَكَ الله حلالاً طيِّبًا، واخترتَ ما حرَّم الله عليك من رزقه مكانَ ما أحلَّ الله لك من حَلاله، ولو كنت تقدَّمت إليك - أيْ بالنهي - قبل الآن لفعلتُ بك وفعلتُ، قُمْ عنِّي وتُبْ إلى الله، أمَا إنَّك لو قلت بعد التقدمة شيئًا - أي: لو فعلت ما نهيتك عنه - بعد الآن ضربتك ضربًا وجيعًا، وحلقت رأسك، ونفيتُك عن أهلك، وأحللت سلبك نهبةً لفتيان المدينة، هؤلاء العصاة - أي: الذين يفعلون مثل فعل عمرو هكذا - مَن مات منهم بغير توبةٍ حشَرَه الله - تعالى - يوم القيامة كما كان في الدنيا: مخنثًا عريانًا، لا يستتر من الناس بهدبةٍ كلَّما قام صُرِعَ)) (?).