ليوهموهم أنهم بذلك من أهل الذوق والفناء في العبادة من غير شك ولا التباس، وهم من أكثر خلق الله وأبعدهم عن سلوك طريقة أهل التعبد من الأفاضل الأكياس، بما غرهم به الشيطان من المكر والخداع والتلاعب بالدين، وسلوك على غير سبيل المؤمنين، فإنه قد كان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أنه لم يكن من هدي نبينا –عليه أفضل الصلاة وأتم السلام-، ولا كان هذا يوجد من أحد من أصحابه الأفاضل الكرام، ولا من التابعين لهم بإحسان ولا فعله أحد من الأفاضل الكرام، ولا من التابعين لهم بإحسان ولا فعله أحد من أفاضل الائمة الأعيان، فما هو إلا من تلاعب الشيطان وإغوائه لأوليائه من ذوي الكفر والفسوق والعصيان، فنعوذ بالله من ريب الذنوب وانتكاس القلوب ومن كان هذا سبيله فلا حاجة بنا إلى الجواب عنه لأنه مخرقة وزندقة لا طائل في إتعاب القلم بردها واشتغال الذهن بهدم أصولها وهدها، ولكن نشير بعض الإشارة إلى ما قد يعرض لبعض أهل التصوف من الشطحات والغيبة عن أنفسهم بمحبوبهم فيبقى قلب أحدهم متعلقاً بمحبوبه غائباً عن نفسه منطرحاً ببابه مشاهداً لمحبوبه الحق بخلاف ما قد يعرض لهؤلاء الزنادقة الملاحدة من الذهول والغيبة عن أنفسهم فإنهم لما كانوا غير مؤمنين بالله ورسوله كانوا مشركين بالله غير مخلصين له في عبادته بما يصرفون من خالص حق الله لغيره من الدعاء والمحبة والخوف والرجاء والتوكل والاستغاثة وسائر أنواع العبادة التي اختص الله بها دون غيره فلذلك تختلط بهم الشياطين وتستولي على قلوبهم فيظل أحدهم يرقص ويتمرغ كما تتمرغ الدابة وهذا ليس من العبادة في شيء بل هو من تلاعب الشيطان بعقولهم ولما كان يظن بعض الجهال أن حال هؤلاء كحال أولئك ويغتر به من لا تمييز له بأحوال القوم أشرنا بعض الإشارة إلى ما ذكره شمس