مثل المعقول والرأي والمحاجة والمكاشفة ونحو ذلك وكل هذه لأهل الحديث صفوتها وخلاصتها فهم أكمل الناس عقلا وأعدلهم قياسا وأصوبهم رأيا وأسدهم كلاما وأصحهم نظرا وأهداهم استدلالا وأقومهم جدلا وأتمهم فراسة وأصدقهم إلهاما واحدهم بصرا أو مكاشفة وأصوبهم سمعا ومخاطبة وأعظمهم وأحسنهم وجد، وذوقا وهذا للمسلمين بالنسبة إلى سائر الأمم ولأهل السنة والحديث بالنسبة إلى سائر الملل فمن استقرأ أحوال العالم وجد المسلمين احد واسد عقلا وأنهم ينالون في المدة اليسيرة من حقائق العلوم والأعمال أصناف ما يناله غيرهم في قرون واجبال وكذلك أهل السنة والحديث تجدهم كذلك وذلك لأن إعتقاد الحق الثابت يقوي الإدراك ويصححه قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً} وغير ذلك وهذا يعلم تارة بموارد النزاع بينهم وبين غيرهم فلا تجد مسألة خولفوا فيها إلا تبين الحق معهم وتارة بإقرار مخالفيهم ورجوعهم إليهم دون رجوعهم إلى غيرهم وتارة بشهود المؤمنين الذين هم شهداء الله في الأرض وتارة بأن كل طائفة تعتصم بهم فيما خالفت فيه الأخرى وتشهد بالضلال على من خالفها أعظم مما تشهد به عليهم فإما شهادة المؤمنين فهذا ظاهر معلوم بالحس والتواتر لا تجد في الأمة أحدا أعظم مما عظموا به ولا تجد غيرهم يعظم إلا بقدر ما وافقهم فيه كما لا ينقص إلا بقدر ما خالفهم فيه حتى إنك تجد المخالفين لهم كلهم وقت الحقيقة يقر بذلك كما قال الإمام أحمد: آية ما بيننا وبينهم يوم الجنائز، فإن الحياة سبب اشتراك الناس في المعاش يعظم الرجل طائفته فإما وقت الموت فلابد من الاعتراف بالحق من عموم الخلق ولهذا لم يعرف في الإسلام مثل جنازته وإنما نبل عند الأمة بإتباع الحديث والسنة وكذلك الشافعي واسحق ومالك والشورى والبخاري وغيرهم إنما نبلوا عند الأمة وقبل قولهم بذلك، وما تكلم فيمن تكلم فيه منهم إلا بسبب المواضع التي لم يتفق له