الخمس، فقال الجواب الحمد لله لم يكن النبي –صلى الله عليه وسلم- يدعو هو ولا المأمومون عقيب الصلوات الخمس كما يفعله الناس عقيب الفجر والعصر ولا نقل ذلك عن أحد ولا استحب ذلك أحد من الأئمة، ومن نقل عن الشافعي أنه استحب ذلك فقد غلط عليه ولفظه الموجود في كتبه ينافي ذلك لكن طائفة من أصحاب أحمد وأبي حنيفة وغيرهما استحبوا الدعاء بعد الفجر والعصر، قالوا لأن هاتين الصلاتين لا صلاة بعدهما فتعوضا بالدعاء عن الصلاة، واستحب طائفة من أصحاب الشافعي وغيره الدعاء عقيب الصلوات الخمس، وكلهم متفقون على أن من ترك الدعاء لم ينكر عليه ومن أنكر عليه فهو مخطئ باتفاق العلماء، فإن هذا ليس مأموراً به لا أمر إيجاب ولا أمر استحباب في هذا الموطن، بل الفاعل أحق بالإنكار فإن المداومة على ما لم يكن النبي –صلى الله عليه وسلم- يداوم عليه في الصلوات الخمس ليس مشروعاً بل مكروهاً كما لو داوم على الدعاء عقيب الدخول في الصلوات أو داوم على القنوت في الركعة الأولى في الصلوات الخمس أو داوم على الجهر بالاستفتاح في كل صلاة ونحو ذلك فإنه مكروه، وإذا كان القنوت في الصلوات الخمس قد فعله النبي –صلى الله عليه وسلم- أحياناً، وجهر رجل خلف النبي –صلى الله عليه وسلم- بنحو ذلك فأقره عليه، فليس كلما شرع فعله أحياناً تشرع المداومة عليه، ولو دعا الإمام والإمام أحياناً عقيب الصلاة لأمر عارض لم يعد هذا مخالفة للسنة كالذي يداوم على ذلك، والأحاديث الصحيحة تدل على أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يدعو دبر الصلوات قبل السلام ويأمر بذلك كما قد بسطنا الكلام على ذلك، وذكرنا ما في ذلك من الأحاديث وما يظن أن فيه حجة للمنازع في غير هذا الموضوع، وذلك لأن الداعي يناجي ربه فإذا انصرف مسلماً انصرف عن مناجاته، ومعلوم أن سؤال السائل لربه حال مناجاته هو الذي يناسب دون سؤاله بعد انصرافه كما أن من