* المعروف عن الإمام مالك وغيره من الأئمَّة، وسائر السلف من الصحابة والتابعين؛ أنَّ الداعي إذا سلم على النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - ثمَّ أراد أن يدعو لنفسه؛ فإنه يستقبل القبلة ويدعو في مسجده، ولا يستقبل القبر عند السَّلام على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - والدُّعاء له.
فما في الحكاية المنقطعة من قوله: «استقبله واستشفع به» كذب على الإمام مالك، مخالف لأقواله، وأقوال الصحابة والتابعين وأفعالهم التي نقلها الإمام مالك وأصحابه، ونقلها سائر العلماء، كل أحد منهم لم يستقبل القبر للدُّعاء لنفسه فضلاً عن أن يستقبله ويستشفع به.
الحديث السابع: «توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم»:
وبعضهم يرويه بلفظ: «إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي، فإن جاهي عند الله عظيم». وهذا باطل لا أصل له في شيء من كتب الحديث البتة، وإنما يرويه بعض الجهال بالسنة كما نبَّه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (القاعدة الجليلة) (ص132، 150) قال: «مع أن جاهه - صلى الله عليه وآله وسلم - عند الله أعظم من جاه جميع الأنبياء والمرسلين، ولكن جاه المخلوق عند الخالق ليس كجاه المخلوق عند المخلوق فإنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، والمخلوق يشفع عند المخلوق بغير إذنه، فهو شريك له في حصول المطلوب، والله تعالى لا شريك له.
فلا يلزم إذن من كون جاهه - صلى الله عليه وآله وسلم - عند ربه عظيمًا، أن نتوسل به إلى الله تعالى لعدم ثبوت الأمر به عنه - صلى الله عليه وآله وسلم -، ويوضح ذلك أن الركوع والسجود من مظاهر التعظيم فيما اصطلح عليه الناس، فقد كانوا وما يزال بعضهم يقومون ويركعون ويسجدون لمليكهم ورئيسهم والمعظم لديهم، ومن المتفق عليه بين المسلمين أن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - هو أعظم الناس لديهم، وأرفعهم عندهم. فهل يجوز لهم أن يقوموا ويركعوا ويسجدوا له في حياته وبعد مماته؟
الجواب: إنه لا بد لمن يُجَوِّز ذلك، من أن يثبت وروده في الشرع، وقد نظرنا فوجدنا أن السجود والركوع لا يجوزان إلا لله - سبحانه وتعالى -، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يسجد أو يركع أحد