لأحد، كما أننا رأينا في السنة كراهية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للقيام. فهل يستطيع أحد أن يقول عنا حين نمنع السجود لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -:إننا ننكر جاهه - صلى الله عليه وآله وسلم - وقدره؟ كلا ثم كلا.
فظهر من هذا بجلاء إن شاء الله تعالى أنه لا تلازم بين ثبوت جاه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وبين تعظيمه بالتوسل بجاهه ما دام أنه لم يرد في الشرع.
هذا، وإن من جاهه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه يجب علينا اتباعه وإطاعته كما يجب إطاعة ربه، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: «ما تركت شيئًا يقربكم إلى الله إلا أمرتكم به» (رواه الشافعي والطبراني وغيرهما) فإذا لم يأمرنا بهذا التوسل ـ ولو أمْرَ استحباب ـ فليس عبادة، فيجب علينا اتباعه في ذلك وأن ندع العواطف جانبًا، ولا نفسح لها المجال حتى ندخل في دين الله ما ليس منه بدعوى حبه - صلى الله عليه وآله وسلم -، فالحب الصادق إنما هو بالاتباع، وليس بالابتداع كما قال - عز وجل -: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (آل عمران:31)
1 - أثر الاستسقاء بالرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد وفاته:
قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) (2/ 397) ما نصه: «وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الدار ـ وكان خازن عمر ـ قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر، فجاء رجل إلى قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: يا رسول الله! استسق لأمتك، فإنهم قد هلكوا، فأُتِيَ الرجلُ في المنام، فقيل له: ائت عمر .. الحديث. وقد روى سيف في (الفتوح) أن الذي رأى المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة».
قال الشيخ الألباني: والجواب من وجوه:
الأول: عدم التسليم بصحة هذه القصة، لأن مالك الدار غير معروف العدالة والضبط، وهذان شرطان أساسيان في كل سند صحيح كما تقرر في علم المصطلح، وقد أورده ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) ولم يذكر راويًا عنه غير أبي صالح هذا، ففيه