هرة حبستها ... »، ويكون أبو قتادة جمع بين الخبرين: فأولهما: لإظهار حكم شربها من إناء وضوئه، وثانيهما: لدفع تعجب امرأته من رفقه بالهرة؛ فيكون محل حُكم هو قوله: «إنها ليست بنجس»، فيلحق بها كل حيوان هو مظنة لأكل الجيف والنجاسات لا يختص بما يعسر الاحتراز عنه، فالحكم هو العفو عن هذا الشك في النجاسة تيسيرًا على الأمة.
وهذا أوفق بمذهب مالك من طهارة لعاب الحيوان كله، حتى قال: «إن غسل الإناء من ولوغ الكلب غسل نظافة لا طهارة». وهو أوفق بما يرد عقب هذا من قول عُمر لصاحب الحوض: «فإنا نرد على السباع وترد علينا» أي: يعسر الاحتراز عن الانتفاع بالمياه التي تردها السباع مع دلالته على أن ذلك قد مضى من السنة فلذلك كان من قبيل المسنون. وقوله: «إنما هي من الطوافين» صيغة قصر، وهو قصر قلب، للرد على من يتنزل منزلة المنكر كونها من الطوافين فيكثر أذى الهرة أو يتجنب سؤرها، كما تقول لمن يغلظ على أخيه: إنما هو أخوك.
***
ووقع فيه قوله: «فقال عمرو بن العاصي لصاحب الحوض: يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر بن الخطاب: يا صاحب الحوض لا تُخبرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا».
الحوض: وهدة متسعة من الأرض يجتمع فيها المطر، فيقر بها بعد السيل. وقد يكون مجعولاً بحفرٍ وتحويط. يقال: حوض فلان الماء، إذا حفر له وحاطه بجدر قصير