فيه. ولم يعتد الشرع بغير الماء من الموائع المطهرة؛ لأن الماء هو الممكن تناوله، ولا تختلف فيه منازع الناس، ولخصوصية في الماء علمها الله تعالى.
مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن حميدة بنت أبي عبيدة بن فروة، عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت أبي قتادة الأنصاري أنها أخبرتها: أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءًا فجاءت هرةٌ لتشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا ابنة أخي، قالت: فقلت: نعم، فقال: إن رسول الله قال: «إنها ليست بنجسٍ إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات».
الظاهر أن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما هي من الطوافين عليكم» من بقية قوله: «إنها ليست بنجسٍ» فيكون إيماء إلى علة إسقاط غسل ما ولغت فيه الهرة مع غلبة أكلها الجيف والمستقذر، فالاحتراز منها مشقة عفي عنها، فيشاركها في ذلك الكلب المتخذ للحراسة عند أهل البادية بالقياس. وعلى هذا يكون حكم غيرهما من السباع بخلاف ذلك. وهذا الاحتمال هو المناسب لقول مالك رحمه الله «إلا أن يُرى على فمها نجاسةٌ» لأن حالة رؤية النجاسة على فمها حالة تحقق مباشرة النجاسة للماء. وهي أيضًا حالة نادرة فليست من مواقع التيسير. ويحتمل أن يكون قوله - عليه السلام -: «فإنما هي من الطوافين» إلخ لم يقع مقارنًا لقوله: «إنها ليست بنجس» بل وقع في سياق آخر للترئيف على الهرَّة وإن لا يؤذيها أهلها، كما يشهد له حديث: «دخلت امرأة النار في