ولا تأخيرًا. فتقرر فضل الطهارة بقوله تعالى: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].
وجعلت الطهارة: طهارتين: كبرى: لجميع الجسد لإزالة ما عليه من مفرزات طبيعية وما يرد إليه من أوساخ خارجية، وصغرى: لأعضاء ومنافذ يكثر الإفراز والورود عليها. وجعلت أسباب تجديد كلتا الطهارتين أسبابًا من شأنها التكرر، وجعلت تلك الأسباب أشياء مناسبة لشعور النفس بانتقاص إشراقها المعبر عنه في الحديث: «أصبح خبيث النفس كسلان».
ومن بدائع التشريع أننا نجد مناسبة بين الأسباب التي يعبر عن أكثرها الفقهاء بالأحداث وهي مفرزات جسدية. وبين سبب مشروعية الطهارة الكبرى والصغرى وهو النظافة، فإن تلك الأسباب تكثر وتقل في آحاد الناس تبعًا لقوة عضلات البدن وضعفها. وإذا كان الوسخ من جملة المفرزات الجسدية كانت تلك الأسباب الظاهرة مقارنة في الواقع للسبب الخفي، فأنيطت سببية الطهارة بالظاهر، لأنه مقارن للخفي ومعرف به كشأن الأسباب الشرعية. وقد ورد الأمر مع ذلك بالغسل
كل يوم جمعة في الحديث الصحيح في «الموطإ» وغيره. وحمله كثير من الفقهاء على الوجوب، وعلله حذاقهم بأنه لمجرد النظافة حتى أجاز بعضهم إيقاعه بماء الورد؛ لأنه ليس لرفع الحدث. وحمله مالك رحمه الله على السنة المؤكدة.
ويلحق بهذا طهارة أخرى وهي طهارة الجسد، والثوب، والبُقعة من التلطخ بالنجاسات؛ ولذلك أخذ حكم طهارة الحدث في القول المشهور من وجوبهما، ويدل عليه الحديث: «إنهما ليُعذبان وما يُعذبان في كبيرٍ؛ أما أحدهما فكان لا يتستر من البول ... ».
والمطهر: هو الماء الباقي فيه وصف المائية على اختلاف في صفة بقاء هذا الوصف