هذا ما في «المنتقى» عن حبيبٍ كاتب مالك عن مالك أن معنى «تظهر»: أن الشمس في الأرض لم تبلغ الجدار، أي: لم تظهر فيه. فهذا تفسير هذا اللفظ.
***
مالكٌ عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أنه قال: كُنا نُصلي العصر، ثم يذهب الذاهب إلى قُباء، فيأتيهم والشمس مرتفعةٌ.
يريد: أن الذاهب يذهب إلى قباء راجلاً. وفي هذا دليل على أن أول وقت العصر أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الظل الذي زالت عليه الشمس، خلافًا لمن رأى أن وقت العصر متأخر عن ذلك. وقد اختلفت الرواية عن الزهري، فبعضهم روى عنه «ثم يذهب الذاهب إلى قباء» وهي رواية مالك وابن أبي ذئب. وروى جمهور رواة الزهري وبعض رواة الموطأ «يذهب الذاهب إلى العوالي»، والعوالي: القرى المتصلة بالمدينة من الجهة النجدية. قالوا: وهي تمتد إلى منتهى ثمانية أميال على المدينة. واختلفوا في أن قباء من أقصاها أو من أدناها، فقيل: هو على ثمانية أميال من المدينة. وقيل: هو على ثلاثة أميال. والصواب: أنه ثلاثة أميال، كما جاء صريحًا في قول مالك رحمه الله في كتاب الصلاة الثاني من «المدونة» في نقل أبي الوليد الباجي.
قال الباجي: «ومالك أعلم ببلده وأماكنها، على أنه أثبت أصحاب الزهري وأحفظهم، فإذا خالفته رواية غيره عن الزهري قضي لمالك» اهـ.
أقول: وجه هذه الحيرة بينهم ومصير معظم أهل الحديث إلى ترجيح رواية «يذهب الذاهب إلى العوالي» اعتدادهم بكثرة رواة ذلك عن الزهري مع ظنهم أن قباء على