مسافة ثمانية أو عشرة أميال، فخشوا أن يظن الناس أن وقت العصر مبكر جدًا.
وأقول أيضًا: إن الحق ما قاله مالك؛ لأنه تعارض هنا مجمل ومبين فيقضى بالمبين، وهو تعيين ذهاب الذاهب إلى قباء لانعدام فائدة التحديد في رواية العوالي، لامتداد العوالي مسافة ستة أميال أو نحوها. والمشاهد اليوم أن قباء لا يعدو مسافة ثلاثة أميال من المدينة.
مالك عن داود بن الحصين قال: أخبرني مخبر أن عبد الله بن عباس كان يقول: دُلُوك الشمس إذا فاء الفيء، وغسق الليل اجتماع الليل وظُلمته.
قيل: أراد داود بن الحصين بالمخبر عكرمة مولى ابن عباس، وإنما كتم داود بن الحصين تسميته، لأن عكرمة كان يُتهم برأي الخوارج، وكان مالك يكره أن يروي عن أمثالهم، وإن كان قائلاً بقبول رواية أهل النحل الذين لا يبيحون الكذب ما لم يكن الراوي داعية لنحلته حريصًا على ترويجها. فطوى داود بن الحصين ذكره عن مالك، وقطع السند متعهدا هو بتوثيق عكرمة وسلامته مما نسب إليه، لأن داود يعلم أن مالكًا يشق بمرسل الثقة. وبهذا لا يشكل عليك قبول مالك لهذا الإبهام؛ لأنه جعله على عهدة الراوي الثقة.