كذلك اللفظ الذي أخبرتك به، كان بشير بن أبي مسعود يقول مثله.
وقول أبي مسعود للمغيرة: «أليس قد علمت» صريح في أنه يعلم أن المغيرة عالم بذلك، وهذا يقتضي أن ذلك كان مشهورًا بين الصحابة ينقله بعضهم عن بعض، والمغيرة من الذين يظن أنهم حضروا ذلك، أو تلقوه عن الذين حضروا.
وقول عمر بن عبد العزيز: «اعلم ما تحدث به يا عروة» أمر له بأن يتحقق في ذلك؛ إذ لم يكن قد بلغ عمر بن عبد العزيز من غير عروة؛ لأنه بينه بقوله: «إن جبريل نزل» إلخ، المقتضي أن جبريل أقام لرسول الله وقت الصلاة، أي حدده، كما تقول: أقمت قبلة المسجد. فقوله: وقت الصلاة، منصوب على أنه مفعول به بفعل أقام وليس منصوبًا على الظرفية.
***
قال عُروة: ولقد حدثتني عائشة زوج النبي أن رسول الله كان يُصلي العصر والشمس في حُجرتها قبل أن تظهر.
تردد الشارحون في هيئة الشمس التي تستفاد من هذا الحديث، والذي أرى أن المقصود منه التبكير في وقت العصر، وأنه لا يؤخر إلى العشي. والظاهر أن حجرة عائشة كانت تفتح إلى جهة بين القبلة والغرب، فلا تغيب الشمس عن الحجرة بعد الزوال، وأن هذا المفتح هو مفتح الحجرة من خلفها، أي من جهة الطريق؛ لأن باب الحجرة كان يفتح في المسجد إلى جهة الشام، وهي جهة الشمال بانحراف؛ لأن بابها المفضي إلى المسجد كان في حائط القبلة، وقبلة المدينة من الجنوب بانحراف يسير إلى الشرق، وأن الشمس كانت في وقت العصر في حجرتها.
ومعنى «قبل أن تظهر» قبل أن يظهر قرصها للواقف في الحجرة؛ وذلك لقصر حائط الحجرة، بحيث كان أقل من قامة الإنسان. وقد وصف وقت صلاة العصر بأنه أن يظهر قرص الشمس إلى بصر الرائي الواقف غير منكس رأسه ولا مُطأطئ له. ويؤيد