الواضعين للاسم، وإمَّا لقصد التشبيه بالمسمى الأول، وكثر هذا الاشتراك بسبب اقتباس أسماء بعض الأسلاف من العائلة أو القبيلة؛ إذ لا وسيلة إلى ضبط الاختصاص ولا إلى العلم بمقدار المشاركة.
فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أعلمنا أنَّ له خمسة أسماء، فعلمنا أنَّ هذه الخمسة أعلام له؛ وله بها مزيد اختصاص، فأمَّا كونها أعلامًا، فلأنَّ اسم «محمد» هو الذي أسماه به جده عبد المطلب حين ولادته وبه دعاه القرآن ثلاث مرات.
وأنَّ اسم «أحمد» قد سمِّي به على لسان الرسول الذي جاء قبله، وهو عيسى - عليه السلام - كما حكاه عنه القرآن، فهو بهذا الوجه أسبق من اسمه «محمَّد» في سجل الوحي والرسالة، وأحسب أنَّ اسم «أحمد» تعبير عمَّا سيسمَّى به أنه علم مشتق من قوَّة الحمد، أي: كثير الحمد.
فهذان علمان له لا محالة، ولم يتحقَّق أن قد سمي باسم «محمَّد» أحد قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - أسمى نفسه بها، وذلك فيما نظنُّ بتوقيفٍ من الله تعالى، وهي وإن كانت أوصافًا له، كما دلَّ عليه تفسير كلِّ واحد منها بما يدلُّ على قصد ما فيه من الوصف، فإنَّ تلك الأوصاف لما بينت بمتعلقاتها، كانت خاصة به - صلى الله عليه وسلم -، ونُزلت بذلك الاختصاص منزلة الأعلام التي حصلت لها العلمية بالغلبة. وذلك أن الأوصاف إذا رمز بها إلى حالة خاصة في الموصوف أو حالة غريبة تصير ألقابًا، واللقب ملحق بالعلم، فأمَّا بقية أوصاف النبي - صلى الله عليه وسلم - الواردة في القرآن والسنة مثل: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] ومثل: الشاهد، والمبشر، والقدير، والداعي إلى الله، ومثل: نبي الرحمة، فإنها مراد منها الوصفيَّة دون العلمية؛ ولذلك لا تجد فيما ورد فيها من الآثار أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عبر عنها بأسماء، بل يقول: «أنا نبي الرحمة»، مثل حديث حذيفة في كتاب «الشمائل»، فلا منافاة بين ما أشعر به لفظ خمسة من حصر أسمائه في تلك الخمسة وبين ما دُعي به رسول الله عليه الصلاة