وحديث ابن عبَّاس في «سنن» أبي داود يرفعه: «من ترك قتل الحيات مخافة طلبهن، فليس منا ما سالمناهن منذ حاربناهن». وفيها أيضًا حديث ابن مسعود قال رسول الله: «اقتلوا الحيات كلَّهن، فمن خاف ثأرهم فليس منِّي». وهذه الأحاديث تحمل على تأويل حديث أبي سعيد الخدري وعدم الأخذ بظاهره. وقد قال مالك في غير الموطإ: «إن ما وقع في حديث أبي لبابة خاص بالمدينة». وأقول: هو خاص أيضًا بعهد رسول الله فيها - صلى الله عليه وسلم -.
الهيئة السَّمت من صفة اللباس، ولبس ما يدلُّ على معنى في لابسه، مثل: التقنع للحرَّة، والبرد للحر، وفي الحديث قال معرور بن سويد: رأيت أبا ذرٍّ وعليه حلةٌ وعلى مملوكه خلةٌ، وقال كثير:
هنَّ الحرائر لا ربات أخمرة ... سود المحاجر لا يقرأن بالسور
فجعل الأخمرة أمارة على غير الحرائر.
وفي القرآن: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59]، أي: أن يعرفن أنهن حرائر.
* * *
مالك أنَّه بلغه أن أمةً كانت لعبد الله بن عمر بن الخطَّاب، رآها عمر بن الخطَّاب، وقد تهيَّأت بهيئة الحرائر، فدخل على ابنته حفصة، فقال: ألم أر جارية أخيك تجوس النَّاس،