جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهذِّبًا للأخلاق، مزيلًا لجلافة أهل الجاهلية، وقد كان من خشونتهم، وجلافتهم أن يتعمَّدوا تسمية أولادهم بأسماء تدلُّ على معانٍ مزعجة أو كريهة، فكانوا يسمُّون بصخر، ومرَّة، وجمرة، وحنش، وكلب، وجبل، وأفعى، وحزن، وصعب، ونحو ذلك، وذلك من الجلافة ولا أثر له في الخلق، وكما أنَّ النَّاس يكرهون تشويه الخلقة؛ لأنَّه يسوء النظر، فكذلك يكوهون سيِّئ الأسماء؛ لأنه مكروه في السمع، فأدَّبهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالنَّهي عن هذه التسميات، وغض من المسمَّين بها ليستبدلوها وليتجنبها غيرهم، وقد كانوا يزعمون أنَّهم يسمُّون بتلك الأسماء يرهبون بها أعداءهم، فأبطل الدين زعمهم هذا بأنَّ إرهاب العدوِّ لا يكون بالألفاظ إنَّما يكون بالصفات من الشجاعة، وإباء الضيم، ونصر الحق، فالإسلام دين الحقيقة والأصالة لا مجال فيه للأوهام وأفن الرأي، وقد غير رسول الله أسماء رجال من هذا القبيل، مثلما بدَّل اسم غاوي بن عبد العزى فسماه راشد بن عبد ربه. وكان اسمه حزنٌ وأنَّه جاء رسول الله، فقال له: «ما اسمك؟ ». قال: حزنٌ، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «أنت سهلٌ»، قال: لا أغيِّر اسمًا أسمانيه أبي، قال سعيد رحمه الله: فما زالت الحزونة فينا.
فهذا وجه كراهية رسول الله الأسماء السيئة وليس ذلك لاعتقاد تأثيرها في المسمَّى ولا في أعماله والله أعلم.
وقع فيه قول كعب الأحبار لعمر في العراق: «وبها الدَّاء العضال»؛ في طرة