آخر الحديث ولم يسمع أوله»، وروى أحمد بن حنبل، وابن خزيمة عن أبي حسان أن عائشة قالت: ما قال رسول الله ذلك، وإنما قال: «إن أهل الجاهلية كانوا يتطيَّرون من هذه الثلاثة» اهـ. ومن العلماء من حمل الآثار المثبتة والناهية على أنَّ المثبتة منسوخة، وهو فاسد؛ لأنَّ النسخ لا يدخل في الأخبار؛ فيقتضي أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أخبر بما يقتضي ثبوت الشؤم أخبر عن متابعةٍ لاعتقاد الدهماء وهذا ينزه عنه المقام النبوي، فليعلم العالم ما يخرج من فمه أو ما يكتبه بقلمه.
* * *
مالكٌ عن يحيى بن سعيدٍ أنَّه قال: جاءت امرأةٌ إلى رسول الله، فقالت: يا رسول الله دارٌ سكنَّاها، والعدد كثيرٌ، والمال وافرٌ، فقلَّ العدد وذهب المال، فقال رسول الله: «دعوها ذميمةً».
الظاهر أنَّ المراد بالدار مكان من أرض البادية، وقد قيل: أنَّها دار مكمِّل بن عوف أخي عبد الرحمن بن عوف من بني زهرة، والمال هو الإبل، فالحديث اقتضى أن هذه المنزلة التي نزلوها وسكنوا بها كانت وبيئة، أو كانوا سكنوا بها، ولا جيرة لهم فأغير عليهم، فهلك ناسهم وذهب نعمهم؛ فلذلك أمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالارتحال عنها، فليس في هذا الحديث ما يشهد لاعتبار شؤم المسكن في نظر الدين.