لم يظفروا بمن يظن أنه الموصوف بالثقة، فقد وقع في فضل ليلة القدر «مالك أنه سمع من يثق به من أهل العلم»، فلم يطلع نُظَّار «الموطأ» عليه، وكذلك في زكاة ما لا يُخرص من الثمار والعنب «مالك عن الثقة عنده» فلم أر لهم تعيينه، ولعله الليث بن سعيد.

وقريب من هذا ما وقع في مواضيع قليلة من «الموطأ»، أن يقول: «مالك عن رجل» ففي ترجمة ما جاء فيس تحريم المدينة: «مالك عن رجل عن زيد بن ثابت» قال أبو عمر: الرجل هو شرحبيل بن سعد مولى الأنصار. وفي ترجمة ما جاء في الوفاء بالأمان: «مالك عن رجل من أهل الكوفة» قالوا: هو سفيان الثوري.

وذكر ابن العربي في كتاب المسالك في «شرح موطأ ابن مالك» أن مالكًا كان لا يرى رأي شيخه ابن شهاب في جمع المفترق من الحديث. كما قال ابن شهاب في حديث الإفك: دخل حديث بعضهم في بعض، كما أدخل مالك حديث فضل الغنيمة، ثم عقبه بقوله: «مر رجلٌ في طريقه بعض شوك» إلخ، فترى الجهال يتعبون في تأويله. وإنما كان ذلك؛ لأنه سمعه معه، وامتناعه من جمع المفترق أو فرق المجتمع؛ لفائدتين:

إحداهما: التعرض لدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: «نضر الله امرءًا سمع مقالتي، فوعاها، فأداها كما سمعها».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015