الوباء بالمد، ويقال: وبأٌ بدون مد مهموزًا هو المرض المتماثل الذي يتفشى في أهل مكان في وقتٍ واحدٍ. والمراد به هنا الحمى المستوبئة.
* * *
قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وانقل حمَّاها فاجعلها بالجحفة».
إضافة الحمَّى إلى ضمير المدينة أفادت حمَّى معروفة بالمدينة، وهي الحمَّى الملازمة لها التي يكثر أن تصيب سكَّانها والواردين عليها، كما تقدَّم في قصَّة الأعرابي الذي أصابه وعكٌ بالمدينة، وكما في حديث هذا الباب في إصابة أبي بكر، وبلال، وعامر بن فُهيرة، فدعاء رسول الله بنقل الحمَّى عن المدينة مقصود منه تلك الحمَّى المعروفة، فلا يقتضي ذلك أن لا تصب سكَّان المدينة حُمَّى أخرى من الحمَّيات التي لا تخلو عنها بعض الأمراض وتكون علامة على تعفن المزاج.
ودعاء رسول الله عليه الصلاة والسلام بنقل الحمَّى إلى الجحفة، يحتمل أنَّه لأجل كون الجحفة يومئذٍ دار شرك فيكون من الدعاء على المشركين، ويحتمل أنه لما كان ما جبل الله عليه تلك النواحي هو من أسباب الحمَّى المستوبئة فيما وضع الله من الأسباب والمسببات العالمية لا يعدُّ من الأدب الدعاء برفعه -اقتصر على الدعاء ببعد الحمَّى عنها. وفي الحديث دلالة على أن الحمَّى تنشأ من كائنات دقيقة غير مرئية قابلة للنقل من مكانٍ إلى مكانٍ بتكوين الله تعالى.
كذا في معظم النسخ، ومنها أصل النسخة المقابلة على نسخة ابن بشكوال، وفي نسخ من الموطإ زيادة «من المدينة»، وكتبت هذه الزيادة في طرَّة نسخة ابن