بكسر الفاء، لأنَّ أصله من باب سمع، وعلى الروايتين فهو من المجاز بتشبيه العين الباقية على صورتها بالقبس فإذا جرحت فزالت نضرتها وانطمس لمعانها شبهت بالجمرة، إذا طفئت فرواية «أطفئت» ورواية «طفئت» بمعنى واحد؛ لأنَّ مراد رواية أطفئت أنَّها طفئت بفعل فاعل بقرينة السياق، ولم أقف على ذكر استعمال هذا اللفظ في كتب اللغة ولا الفقه غير ما وقع في «الموطإ» هنا من قول زيد بن ثابت؛ فعربيته صحيحة.

ويجب استدراكه على كتب اللغة في صفة العين وهو من المجاز لا محالة.

عقل الأصابع

مالكٌ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنَّه قال: سألت سعيد بن المسيِّب: كم في إصبع المرأة؟ فقال: عشرٌ من الإبل، فقلت: كم في إصبعين؟ قال: عشرون من الإبل، فقلت: كم في ثلاثٍ؟ فقال: ثلاثون من الإبل، فقلت: كم في أربع؟ قال: عشرون من الإبل؟ فقلت: حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها، فقال سعيد: أعراقيٌّ أنت؟ فقلت: بل عالمٌ متثبِّتٌ أو جاهلٌ متعلِّمٌ، فقال سعيدٌ: هي السُّنَّة يا ابن أخي.

ربيعة من علماء المدينة، وسعيد بن المسيب شيخه، وسؤاله مقصود منه آخره، وهو أن يصل على طلب إبداء الوجه في مصير عقل أصابع المرأة إذا كانت أربعًا أقل من عقلها إذا كانت ثلاثًا؛ ولذلك استدرج في سؤاله من الأصبع الواحدة، ليظهر الإشكال بيِّنًا؛ فسؤاله لم يكن عن جهل بمقدار العقل في أصابع المرأة، ولكنَّه أراد معرفة وجه الحكم.

وقول سعيد له: «أعراقي أنت؟ » استفهام توبيخ؛ لأنَّه يعرف أنَّه لم يكن بعراقي البلد ولا بعراقي العلم؛ فإنَّه من فقهاء المدينة وقد كان أهل المدينة يصمون فقهاء العراق بقلَّة معرفة السنة لقلَّة من سكن العراق من الصحابة، وقلة اشتغال من سكنه منهم ببثِّ العلم والفقه لغلبة الفتن في العراق في صدر عصر طلب العلم؛ فلذلك كانوا في الأكثر يعتمدون على القياس على أحكام القرآن وما بلغهم من الآثار على تفاوتها، وإنَّما خاطبه سعيد بذلك؛ لأنَّه يعلم أنَّه لا يجهل الحكم وظنَّه يسأل سؤال المنكر لذلك الحكم لعدم جريه على القياس في الظاهر، وقول ربيعة: «بل عالم متثبت»، هو الجواب الحقيقي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015