وأما قوله: «أو جاهل متعلم»؛ فهو ترديد مقصود منه التواضع.
وقول سعيد حينئذٍ: «هي السنة» جواب إفادة؛ إذ قد علم من كلامه أنَّه لا يريد الطعن في العمل، وإنما يريد السؤال عن مستند ذلك العمل؛ فلذلك أقنعه بقوله: «هي السنة» وهو المقدار الذي كان ربيعة لا يتحققه؛ ولذلك عُدَّ هذا الحديث من مراسيل سعيد بن المسيَّب؛ لأنَّ قوله: «هي السنة» بمنزلة قوله: فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد بينت توجيه هذا الحم في «باب عقل المرأة» آنفًا.
وقع فيه لفظ «الضِّرس» فهو بكسر الضاد المعجمة لا غير، وأما الضَّرس بفتح الضاد فهو العضُّ.
* * *
قال سعيد بن المسيَّب: فالدِّية تنقص في قضاء عمر بن الخطَّاب، وزيد في قضاء معاوية، فلو كنت أنا لجعلت في الأضراس بعيرين فتلك الدِّية سواءٌ.
يريد سعيدٌ بقوله «تنقص في قضاء عمر وتزيد في قضاء معاوية»، أنَّ جملة ما يحصل من دية الأسنان والأضراس كلِّها إذا أسقط جميعها يكون أقلَّ من دية كاملة في قضاء عمر وأكثر من دية في قضاء معاوية، وقد رأى سعيد أرجح من ذينك القضاءين أن يجعل لكلِّ ضرس بعيرين، فإذا جمع ذلك مع ما ثبت في دية الأسنان كانت جملة ما يحصل من سقوط الفم كلِّه ديةً كاملة؛ لئلَّا تكون دية الفم كلِّه أكثر من دية عضو من الأعضاء المفردة التي فيها الدية كاملة مثل الأنف؛ إذ ليس الفم إلَّا عضوًا مفردًا. ومدرك قضاء عمر أنَّه رأى سقوط جميع أسنان الفم دون تلف عضو؛ لأنَّ ذلك دون اللسان ودون الأنف، ومدرك قضاء معاوية ينظر إلى ما قدَّمناه من تكرُّر الآلام وحسرة الرزية.
وقول سعيد بن المسيَّب: «فلو كنت أنا»، أي: لو كنت قاضيًا في ذلك؛ لأنَّ