الأمر بالوصية

وقع فيه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إلا ووصيته عنده مكتوبةٌ».

وجدت في نسخة مقابلة على نسخة ابن بشكوال بخط مقابلها: قال ابن وضاح ليس «مكتوبة» من قول النبي ولم يعرف هذا لأحد. وحديث مالك ثابت في «الصحيحين» بلفظ «مكتوبة». وقد أعاده مالك في هذا الباب بذلك اللفظ، وكذلك هو في «التقصي» لابن عبد البر. على أن ابن وضاح لم يبين من هو الذي أدرج لفظ «مكتوبة»؛ فلا اعتداد بما قاله ابن وضاح.

* * *

قوله فيه: «قال مالكٌ: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الموصي إذا أوصى في صحته أو في مرضه بوصيةٍ فيها عتاقة رقيقٍ من رقيقه أو غير ذلك، فإنه يغير من ذلك ما بدا له ويصنع من ذلك ما شاء حتى يموت، وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل إلا أن يدبر مملوكًا فإن دبر، فلا سبيل إلى تغيير ما دبر».

أي: أن حقيقة الوصية شرعًا أنها عطية مشروطة بالموت، فلا تنجز للمعطى إلا عند حصول موت الموصي، فما دام الموصي حيًّا كان له الزيادة في وصيته والنقصان وله أن يرجع فيها أصلاً، إلا التدبير وهو أن يقول الرجل لعبده أو أمته: «أنت مدبر أو أنت حر عن دبر مني» يعني الموت كما سيأتي، فإن التدبير في الحقيقة وصية بعتقه بعد موته إلا أنه لما كان المدبر (بكسر الباء) يشافه عبده المدبر (بفتح الباء) بذلك ولا يوصي به في وصاياه، كذلك شأن التدبير، وكان يقع ذلك من السيد غالبًا جزاء لعبده على عمل حسن في نظر السيد وسر به؛ فكان بذلك بعيد الشبه بالوصية وقريب الشبه بالعطية المحوزة، وصار التعليق على الموت كالتوقيت للحيازة فقد جعلته السنة لا يقبل الرجوع فيه، فأخذ شائبة من العطية في أنه لا يرجع فيه، وشائبة من الوصية في أنه لا ينجز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015