إلا بعد الموت، ولا يمضي إلا في الثلث؛ ولأن شأن الوصية أن لا يعلم بها الموصى له، والتدبير يعلمه المدبر ويشافه به، وسيأتي هذا في باب الوصية بالعتق.

ما جاء في المؤنث من الرجال ومن أحق بالولد

الجمع بين هاتين المسألتين في الترجمة مجرد مصادفة عرضت في التبويب، أحسب أنها من عمل يحيى بن يحيى؛ ولعله سمع الحديث والأثر في مجلس واحد، وكان قد فاته ذكر هذا الأثر في مظنته من أبواب الحضانة؛ فأخرجه هنا ولا مناسبة بين المسألتين. والمراد بـ «من أحق بالولد» أي: بحضانته.

* * *

ووقع فيه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يدخلن هؤلاء عليكم» خطابًا لأم سلمة رضي الله عنها، هكذا وقع في رواية يحيى هنا بضمير جمع المذكر، وكان الظاهر أن يقول (عليك) إن كانت أم سلمة مخصوصة بالخطاب، أو يقول (عليكن) إن كان المراد به جميع أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما وقع في رواية، فأما هذه الرواية فتحمل على أن الخطاب لأم سلمة وأنه جرى على حكم

التعظيم؛ فلذلك لم يؤت بضمير جماعة النساء وأتي بضمير جماعة الرجال؛ لأن ضمير جمع المذكر هو الشائع في الخطاب بالجمع المراد به التعظيم؛ لأن معظم وقوعه في مخاطبة الرجال؛ فإذا خوطبت به المرأة جرى الكلام على الغالب؛ هكذا ظفرت به من تتبع استعمالهم ولم أر من أئمة اللغة من صرح به، قال جعفر بن علية الحارثي:

فلا تحسبي أني تخشعت بعدكم ... لشيء ولا أني من الموت أفرق

وبنيت ذلك في شرحي على باب الحماسة من «ديوان الحماسة».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015