القضاء في العمري

مالكٌ عن ابن شهابٍ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل أعمر عمري له ولعقبه، فإنها للذي يُعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبدًا»؛ لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث.

قوله: «له ولعقبه» أي: جعلها المعطي للمعطى ولعقبه، أي: جعلها موروثة فإن جعله إياها للعقب دليل على قصد المعطي تمليك المعطى لما أعمره إياه؛ فيكون ذلك صرفًا للفظ العمري عن أصل معناه المشهور وهو العطية المؤقتة بالعمر وألحق بها كل عطية مؤقتة؛ وذلك إذا قال: هذه عمري، أو ما يدل على معنى التوقيت، فأما إذا جعلها للمعطى ولعقبه فقد أراد التمليك وصار لفظ العمري مستعملاً في مطلق الهبة.

وهذا الحديث أصل في أن صيغ التبرعات يستعمل بعضها في بعض بدلالة القرائن. وهو فرع ذكره ابن راشد القفصي في «الفائق».

وقوله: «لأنه أعطى عطاء قد وقعت فيه المواريث» هو من كلام أبي سلمة بن عبد الرحمن كما صرح به في رواية ابن أبي ذئب: هذا الحديث عن ابن شهاب. ومعناه أنها تكون ملكًا موروثًا.

واعلم أنه إذا قال المعمر هي عمري لفلان وعقبه وعقب عقبه وذكر بطونًا فإنها تجري مجرى الأحباس يتصرف الموجودون في الغلة ولا يبيعون الأصل فإذا انقرض العقب رجعت العمري إلى المعمر ملكًا له إن كان حيًّا ولورثته يوم موته ملكًا لهم كذلك.

وقوله: «أبدًا» وجدت في طرة نسخة ابن بشكوال: لم يرو في هذا الحديث أحد «أبدًا» إلا يحيى. قال الطلمنكي من كتاب ابن أبي الخصال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015