يتوب الله على القاتل فيقاتل فيُستشهدُ». وهذا بعيد.
ووجه طلب انتفاء أن يكون قاتله على هذا الوصف على الوجهين الأول والثاني: أنه أراد أن يكون قاتله كافرًا، فيتعين أنه قتله بغضًا للإسلام ولإمامه فيكون قتله في سبيل الله كما وقع.
وعلى الوجه الثالث: أن قاتله إذا أسلم يعد قتله وصلى ولو جزء صلاة صار أخاه في الإسلام، فإذا تحاجَّا عند الله عفا عمر عن دمه إكرامًا لأخوته الطارئة، فربما نقص بذلك شيءٌ عن عظيم أجر شهادته.
وقد ورد في حديث استشهاد عمر في «البخاري» أنَّه لابن عبَّاس: الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل يدَّعي الإسلام؛ وذلك سرور باستجابة دعوته هذه.
وقوله: «يحاجُّني بها عندك» على الوجهين الأولين معناه يجادلني بإسلامه في تبرير قتله إياي، فيذكر لي تقصيرًا في النصح للمسلمين أو اعتداءً على بعضهم في قصاص أو نحوه يقول: إنَّي رجلٌ مسلمٌ لولا ما رأيت من إضاعته للمسلمين ما قتلته، فتقصيره يُبيح دمه في تأويل قاتله، فيصير على كلِّ حالة قتله مجرد اعتداء وليس بشهادة.
وعلى الوجه الثالث أنَّه يحاجُّه بالإسلام في التخلُّص من أن يكون قتلُه جريمة على الجامعة الإسلامية، فلا يكون قتله في سبيل الله ولكنَّه عدوان محض والله أعلم.
***
مالك عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن قتلت في سبيل الله صابرًا محتسبًا، مقبلاً غير مدبر أيكفر الله عني خطاياي؟ فقال رسول الله: نعم، فلما أدبر الرجل ناداه رسول الله أو أمر به فنودي له، فقال له رسول الله: كيف قلت؟ فأعاد عليه قوله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «نعم إلا الدين».
كان جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول مرة بحسب ما وعد الله به على لسانه من فضل