مالك ن زيد بن أسلم، أن عمر بن الخطاب كان يقول: اللهم لا تجعل قتلي بيد رجلٍ صلى لك سجدة واحدة. يحاجني بها عندك يوم القيام.
إخراج هذا الأثر في هذا الباب تنبيه على أن عمر - رضي الله عنه - قُتل شهيدًا شهادة كاملة كالشهيد الذي يُقتل في جهاد العدوِّ؛ لأنَّه قتله رجل كافر مجوسي حنقًا على الإسلام وعلى نصح عمر للإسلام والمسلمين، فكان قتله في ذات الله تعالى. وقد استجاب الله بذلك دعوته؛ إذ كان يدعو فيقول: «اللهم أرزقني شهادة في سبيلك، وموتًا في بلد رسولك» فقيل له: كيف الشهادة في المدينة؟ فقال: إذا أراد الله شيئًا هيَّأ أسبابه. فمعنى قول عمر في هذا الأثر: «لا تجعل قتلي بيد رجلٍ صلى لك سجدة واحدة»، يجتمل أنَّ المراد به مطلق التقليل لمقدار إسلام الرجل المدعو بنفي قتله إياه؛ لأن الصلاة لا تكون سجدة واحدة؛ فيكون هذا كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاةٍ بنى الله له بيتًا في الجنة»؛ إذ عُلم أنَّ المسجد لا يكون بمساحة مفحص قطاة، وإنَّما المراد ولو كان أقل ما يمكن من السعة. ويحتمل أنَّه عبَّر عن الصلاة بالسجدة من التعبير عن الشيء باسم جزئه كقوله تعالى: {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق: 40].
ويحتمل أنَّه أراد صلى ولو سجدة كأن أسلم وشرع أوَّل صلاة مع الجماعة فأدرك الإمام ساجدًا فمات في تلك السجدة، فيكون هذا قريبًا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يضحك الله إلى رجلين؛ يقتل أحدُهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيُقتل، ثمَّ