في قول عائشة: «فلِم يقدم الناس نساءهم» إنكاري، أي: لو كان يلزم النساءَ الحيَّضَ طواف الوداع وهنَّ لا يطفن إلا بعد الطهر؛ لأنَّ الطواف يشترط فيه الطهارة؛ إذ هو في المسجد الحرام؛ فأرادت عائشة تعضيد الأثر بعمل أصحاب رسول الله والمسلمين فإنَّهم يقدمون نساءهم الطواهر إثر رمي الجمرة الأولى يوم مِنى فيرجعن إلى مكة يطفن طواف الإفاضة إن كن يخشين مَجيء عادتهنَّ في ذلك اليوم.
وقولها: «إن كان ذلك لا ينفعهنَّ»، لو كان ذلك التقديم لا ينفعهنَّ في إسقاط طواف الوداع عنهنَّ إذا كُن حيَّضًا آخر يوم من أيام منى، فالشرط في قولها: «إن كان ذلك لا ينفعهن» بمعنى (لو).
وقولها: «ولو كان الذي يقولون» أي: الذي يَقوله مَن يوجب طواف الوداع ويجعله ركنًا لأصبح بمنى عدد كثير من الحيَّض.
وقع فيه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ما رُئِيِ الشيطان يومًا هو فيه أصغر، ولا أدحر، ولا أحقر، ولا أعيظ منه في يوم عرفة».
الرؤية هنا بصرية تتعدى إلى مفعولين؛ فالشيطان نائبُ فاعل، وقوله: «هُو» ضمير فصل. وقوله: «أصغر» مفعول ثان لـ «رئي». وما بعده معطوفات عليه. وقوله: «يومًا» مفعول فيه دال على استغراق الأيام لوقوعه في سياق النفي. وقوله: «فيه» الضمير المجرور عائد على (يومًا) الذي هو بمعنى جميع الأيام، والجارُّ والمجرور يتنازعه في التعلق كلٍّ من «أصغر، وأدحر، وأحقر، وأغيظ». وإنما قدم على متعلَّقاته قضاء لحق الإيجاز؛ لتمكن إفادة العموم بالتنكير بعد النفي؛ فيفيدُ معنى جميع الأيام وهو مفرد ثمَّ ليعاد إليه الضمير المجرور بفي مفردًا فيفيدُ معنى في جميع الأيام.
وقوله: «منه» الضمير فيه يعود إلى الشيطان، و (من) تفضيله فالشيطان مفضَّل