فدرجوا عليه في الإسلام؛ وذلك كان من القريب أنه شهر رجب، فإن أهل الجاهلية كانوا يعترون، أي: يذبحون العتيرة في رجب، وهي شاة يذبحها من بلغت غنمه مائة شاة فهي تشبه الزكاة. على أني أحسب أن بعض العرب كان يجعل رجبًا مبدأ السنة لقولهم في المثل: «عِش رجبًا تر عجبًا»، ولعل أهل المدينة كانوا من هؤلاء، ويكون مراد الخليفة بالزكاة في كلامه زكاة التجارات وديونها. وبدون هذا المعنى يشكل الكلام؛ إذ لا يجوز التقدم ولا التأخر في الزكاة إذا مضى على النصاب عام، وسيجيئ في «الموطأ» في باب زكاة العروض قوله: «وما كان من مال عند رجل يديره للتجارة ولا ينض لصاحبه منه شيء تجب عليه فيه الزكاة؛ فإنه يجعل له شهرًا من السنة يقوم فيه ما كان عنده من عرض للتجارة ويحصي فيه ما كان عنده من نقد أو عين، فإذا بلغ ذلك كله ما تجب فيه الزكاة، فإنه يزكيه»؛ فيمكن أن أهل التجارات المدارة اصطلحوا بينهم على أن جعلوا شهر زكاة عروضهم وديونهم وأموال تجرهم من تجارتهم شهرًا متحدًا؛ ليكون ذلك أوفق بمعاملة بعضهم بعضًا؛ فصار ذلك أشهر شهر معاقداتهم، كما كان شهر زكاتهم.
زكاة العروض
وقع في حديث يحي بن سعيد: «أن زريق بن حيان كان على جواز مصر في زمان الوليد، وسليمان، وعمر بن عبد العزيز، فذكر: أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون من التجارات من كل أربعين دينارًا دينارًا».