جواز مصر هنا مكان يجتاز منه التجار من المسلمين وغيرهم من البرِّ إلى البرِّ في طريق بحري غير طويل، وكذلك يسمى نفس التنقل في مثل هذا جوازًا، وقد سمى أهل الأندلس دخول الأمير يوسف بن تاشفين إلى أرض الأندلس دخول الأمير يوسف بن تاشفين إلى أرض الأندلس جائيًا من المغرب الأقصى جوازًا، والظاهر أن المراد بالجواز هنا إما خليجٌ من خلجان النيل التي تصل إلى بحر القلزم مثل: خليج القاهرة الذي أمر بحفره عمر بن الخطاب إلى بحر القلزم سنة ثمانى عشرة (18)، وجرت فيه السفن تحمل الطعام إلى مكة والمدينة. ذكره القلقشندي في صبح الأعشى (ص 302 جزء 3)، ردمه أبو جعفر سنة (152). وذكر المقريزي في «الخطط» هذا الخليج بتفصيل، فقال: خليج مصر بظاهر مدينة الفسطاط يمر من غربي القاهرة وهو خليج قديك كان قبل الإسلام؛ فلمَّا فتح المسلمون مصر انقطع الخليج وانسد، ثم جدد حفره عمرو بن العاص عام الرماده، فكان يصبُّ في بحر القلزم، فتسير فيه السفن إلى البحر الملح وتمر في البحر إلى الحجاز واليمن والهند، فاحتفر عمرو الخليج في حاشية الفسطاط، فساقه من النيل إلى القلزم، فجرت فيه السفن، فكان يُحمل فيه الطعام إلى مكة والمدينة، ودام إلى زمن عمر بن عبد العزيز، ثم ضيعه الولاة بعد ذلك، فترك وغلب عليه الرمل، فانقطع، وكانت السفن تخرج إلى الجار (مرسى الحجاز أيامئذٍ). وبنى عليه عبد العزيز بن مروان قنطرة. وفي «المقريزي» ما يؤذن بأن المدينة المسماة اليوم مدينة السويس كانت تسمى مدينة القلزم، وكانت تمرُّ بها مراكب اليمن والهند، وتُحمل منها التجارات إلى الحجاز واليمن والشام، وكانت المراكب تدفع فيها المكوس في زمن الفراعنة وتعشَّر السلع التي تمر بها المراكب، واستمر ذلك إلى عهد الدولة العبيدية.
أي: في بيان المراد منه في قوله تعالى: {والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ولا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] الآية، وأنه ليس المراد به كل مال مخبوء، كما توهمه أبو ذرِّ - رضي الله عنه -، بل المراد به المال الذي لم يؤدِّ مالكه