حق» إلخ، فجاء على الأصل من التنكير؛ إذ لا مقتضى للتأدب والتعظيم فيها.
مالكٌ أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو، فيقول: «اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنُكرات، وحُب المساكين، وإذا أردت في الناس فتنةً، فاقبضني إليك غير مفتون».
سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُجبل على حب المساكين، فاستُجيب له، لتكون نفسه الطاهرة قد بلغت غاية التزكية؛ حتى يصير انعطافها وميلها إلى من هو أولى بالعطف والرأفة ميل محبة لا مجرد ميل نفع، ودفع ضر، فإن مرأى فقير عند الناس يوجب انكسار الحالة، فيدعوهم إلى نفعه دعاءً متفاوتًا لقصد إراحة أنفسهم من ذلك الانكسار الحاصل لهم من رؤيته، حتى أن البخيل يكتفي بأن يدعو له بتيسير الرزق، ورؤية حال الغنى مبهجة قال الله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [القصص: 79]، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون المسكين منه بمرتبة المحبة، حتى يكون الإحسان إليه إرضاءً لنفسه لمحبته، وليس لمجرد دفع ألم الانكسار النفساني، فإذا بلغت النفس إلى محبة الفقير أو إلى القرب من ذلك بعدم احتقاره، فقد بلغت شأوًا عظيمًا في السبق إلى الخيرات، وزالت عنها فتنة المظاهر الخلابة.