مالكٌ أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من داعٍ يدعو إلى هدى إلا كان له مثل أجر من تبعه» إلخ.
يحتمل أن ذكر هذا البلاغ في هذه الترجمة سهوٌ جره أن في البلاغ كلمة «داع». ويحتمل أن المقصود التنبيه على الترغيب في الدعاء للمسلمين بالهدى والمغفرة؛ لأنه إذا استجيب له يكون سببًا في الهدي؛ ولأن فيه رغبة الداعي في حصول الهدي، فيكون شأنه أن يسعى إلى هدى الناس إن وجد إليه سبيلًا، وفيه التحذير من الدعاء على المسلمين؛ لأن تلك الدعوة وإن لم تكن مستجابة فإنها دالة على سوء طوية الداعي، فيكون شانه لو وجد سبيلًا إلى تضليل المسلمين أن يضللهم، ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن قال لرجل سكران حين رآه: لعنهُ الله: «لا تعينوا الشيطان على أخيكم».
ولعله يرتبط بالبلاغ بعده المروي عن ابن عمر؛ لأن دعاء ابن عمر بأن يكون للمتقين إمامًا، قد يُسأل عن وجه طلبه ذلك، ولماذا لم يقتصر على سؤال أن يكون من المتقين؟ ، فبينه بأن رسول الله أخبر بما يحصل من الأجر للداعي إلى هدى، فينبغي أن يدعو المرء بمثلٍ دعاء ابن عمر إن كان أهلًا لذلك، وإنما قدمه على المبين؛ لأنه من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعُلم أن ابن عمر دعا بما هو عمل مُرغب فيه، ويحصل مع ذلك بيان مراد ابن عمر - رضي الله عنه -.