وقوله: «أحَد» رد على المشركين الخُلَّص الذين عبدوا آلهة كثيرة، ولم يعبدوا الله، مثل: مشركي اليونان، ومجوس الفرس، وعبدة الكواكب من العرب أمثال أهل سبأ، وعلى المشركين من العرب الذين اعترفوا لله بالإلهية، وأشركوا معه في الإلهية.
وقوله: {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2]. أي: الذي يُقصد في المهمات دون غيره، رد على بعض المشركين الذين اعتذروا لعبادة الأصنام بأنها تقربهم إلى الله زلفى، وقالوا في التلبية: لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك.
وقوله: {ولَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] إبطال لعقائد بعض أهل الكتاب من اليهود الذين أثبتوا الجسم لله تعالى. فقد زعموا أن يعقوب صارع الله تعالى وغلبه، فلقبه الله إسرائيل، أي: غالب إيل، وإيل اسم الله تعالى.
مالكٌ عن أبي الزبير المكي، عن طاوسٍ اليماني، عن عبد الله بن عباسٍ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام إلى الصلاة في جوف الليل يقول: «اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد أنت قيام السماوات والأرض، ولك الحمد أنت ربُّ السماوات والأرض، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حقٌ، والجنة حقٌ، والنار حق، والساعة حقٌ» إلخ.
قوله: «نور السماوات والأرض»، كقوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ} [النور: 35]، فالنور استعارة لمدير الاستقامة وانتظام الأمور؛ لأن المتعارف أن النور هو الذي يمكن الإنسان من السير والعمل، وبدونه يكون في حيرة، كما تطلق الظلمة على الجهل؛ لأن فيها تستبهم الأشياء والطرق، ولذلك يمثلون الذي يعمل عملًا غير مفيد أو مضرًّا، فيقولون: هو كحاطب ليل، وكخبط عشواء في ظلماء.
وقوله: «أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق»، جاء في لفظ الحق بالتعريف ليفيد قصرًا، وهو قصر ادعاء، أي: وجودك الحق دون وجود غيرك، وقولك، ووعدك دون قول غيرك ووعده؛ لأن هذه الصفات ثابتة لله تعالى ثبوتًا لا يقبل التخلف، فجُعلت كأن الحق قصر عليها، وأن وجود الحوادث وقولهم ووعدهم لمَّا كان عرضة للعدم والتخلف جعل كأنه لا أحقية له. والمقصود تعظيم الله تعالى والتأدُّب معه، وأما قوله: «ولقاؤك