شركه، وأن إظهاره الاقتناع بما يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محض مصانعه ومؤاربه، كما أشار إليه قوله تعالى: {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} [عبي: 5] أي: طغى وكفر، {فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى (6) ومَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى} [عبس: 5، 6]، فكان حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه القضية كحال موسى مع الخضر، فقد حصل ذانك المقامان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تلقاء ربه من غير احتياج إلى مخلوق، فكان العلمان الحاصلان له علمين لدنيين، والله أعلم.

ما جاء في قراءة قل هو الله أحد

عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رجلًا يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] يُرددها فلما أصبح غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالُّها، فقال رسول الله: «والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن».

هذا الحديث معضودٌ بمثله عن أبي أيوب، وأبي هريرة، وأبي بن كعب، وأبي مسعود الأنصاري، وأبي الدرداء، وأم كلثوم بنت عقبة. وانحصرت التأويلات التي تأوَّل بها أصحاب معاني الآثار لهذا الحديث في أربعة تأويلات:

الأول: أنها تعدل ثلث القرآن في الأجر، أي: يكون لمن قرأها من الأجر مثل ثلث أجر من قرأ القرآن كله بدونها. ونسبه ابن السيد إلى الفقهاء والمفسرين، وهو رأي الأيِّي.

التأويل الثاني: أن ذلك لمن لا يُحسن غيرها أو في مدة محاولة تعلم غيرها معها، أو أراد ذلك القارئ المعين أو نحوه ممن قرأها على صفة الخشوع والتحسر؛ لأنه لم يحسن غيرها، كما ينبئ به قول الراوي: «وكأن الرجل يتقالُّها».

الثالث: أنها تعدل ثلث القرآن باعتبار أجناس معانيه؛ لأن القرآن أحكام، وأخبار، وتوحيد. وقد انفردت هذه السورة بجمعها أصول العقيدة الإسلامية مع الإيجاز.

وأقول: إن هذا يشبه قولهم: الفرائض نصف الفقه، أي: نصف جنسه؛ لأن منه أحكام الأحياء ومنه أحكام الوفيات. وكذلك قولهم: لا أدري نصفُ العلم؛ لأن العلم منه فهم، ومنه توقف. ونحوه ما روي في الحديث وإن كان ضعيفًا: «خُذوا شطر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015