العبادة وغير ذلك، كما تقدَّم في أوَّل وقوت الصلاة، وجعل لغير أحوالها النادرة سببًا لصلاة الكسوف في جماعة خُضعانًا لله تعالى، وإشفاقًا من أن يكون كسوفها علامة اختلال يعرض في نظام هذا العالم فيحترم الناس ويحول بينهم وبين التوبة.
وصلاة الكسوف غير واجبة، ولكنه سنَّة؛ لأنها لم تقرن بعلامات الإيجاب مثل الأذان لها، والتحريض على فعلها، ولوم من تخلَّف عنها.
وجعلت صلاة الكسوف على هذا الطول، لقصد أن تستغرق الصلاة وقت الكسوف كله؛ فيكون طول الصلاة وقصرها بحسب المقدار الذي يُظن تجلَّي الكسوف عنده.
وأمَّا القمر فلم يُجعل تغيّره بالخسوف سبب صلاة جماعة؛ أنه يكون في وقت انزواء الناس في بيوتهم فرُغِّبوا في التنقل أفذاذًا عند حدوث خسوفه.
وقد نبَّههم الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أن كسوف الشمس أو القمر لا يُؤذن بحوادث بين الناس؛ ليزيل عنهم العقائد الوهمية المفسدة للتفكير؛ إذ قد ظن ناس أن الشمس خسفت لموت إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وعلى ذريته وسلم، فقال لهم في خطبته إبطالًا لذلك الوهم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته» أي: لموت أحدٍ أسفًا عليه ولا لحياته غضبًا عليه أو إعلامًا بشؤمه.
وقع فيه قول الراوي:
«وأما الكافر أو المنافق لا أدري أيتهما قالت أسماء؟ ».