أي آية الكلمتين؛ لأن القول إنما يتعدى إلى الكلمات فلا عبرة بكون اللفظين مذكرين.
مالكٌ عن صالح بن كيسان عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعودٍ عن زيد بن خالدٍ الجُهني أنه قال: صلي لنا رسول الله صلاة الصُبح بالحديبية على إثر سماءٍ كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: «أتدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ بي، فأمَّا من قال: مطرنا بفضل الله ورجمته، فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب. وأمَّا من قال: مُطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب».
المعنى: أصبح من عبادي مؤمن بي ثابتٌ على إيمانه السابق، وكافر بي باق على كفره السابق، وليس المراد أن الكافر صار مؤمنًا ولا أ، المؤمن صار كافرًا؛ لبعده عن الفهم؛ فليس في الكلام ما يقتضي أن مَن قال: «مطرنا بنوء كذا» من المؤمنين يصير كافرًا، ولا أن من قال: «مطرنا بفضل الله» يصير مؤمنًا، إذا كان لم يوحِّد الله تعالى، فإذا كان المراد من الكفر حقيقته الشرعية المعروفة، فالمعنى كما تقرر: أصبح من عبادي من يقول هذا وهم المؤمنون، ومن يقول ذلك وهم عبدة الكواكب، وهذا ظاهر الحديث. والمقصود منه بيان فضيلة المؤمنين في تصاريف عقائدهم كلها، ونزاهتِها عن الوهم والسخافة، وتخليط حقائق الأشياء بأن يشتبه عليهم السبب العادي بالمدِّبر الفاعل؛ ويحتما أن المراد بالكافر المشابهة، أب أصبح من عبادي مؤمن خالص لا يشبه قوله قول الكافرين، ومؤمن يشبه قوله قول الكافرين وهو مَن يقول من المسلمين «مُطرنا بنوء كذا» يجري على لسانه ما كان يعتاده في الجاهلية لغفلة عن الاعتقاد أو لخفة ذلك على اللسان؛ فيكون المقصود من هذا الكلام التحذير من التساهل في الأمرين، ولكن هذا الاحتمال يبعده قوله: «فذلك كافر بي» إلَّا على اعتبار التشبيه البليغ.
وعلى كلا الاحتمالين فإن من يقول: «مُطرنا بنوء كذا» إذا لم يقصد منه كون النوء مدبرًا شريكًا لله في التقدير لا يكفر بقوله ذلك، ويحتمل أن يكون المراد